ورجاحة عقله ، وبعد نظره ، وعزوفه عن الدنيا ، بكل ما فيها من زبارج وبهارج ومغريات. لا سيما وأنه يقترب من سن الستين ، الذي يكون فيه حتى الإنسان العادي قد تجاوز سن المراهقة ، وبدأ يتجه نحو عقلنة طموحاته ، والسيطرة عليها ، فكيف بنبي الإسلام الأكرم «صلى الله عليه وآله».
ثانيا : التناقض والاختلاف في أمر جويرية :
هناك تناقضات كثيرة في قصة جويرية هذه ، نذكر منها ما يلي :
١ ـ هذه الرواية تقول : إن الناس حين عرفوا بأن النبي «صلى الله عليه وآله» تزوجها أرسلوا ما في أيديهم من أسرى بني المصطلق.
وعند الواقدي : «فلما أعتقني والله ما كلمته في قومي حتى كان المسلمون هم الذين أرسلوهم» (١).
وفي نص آخر : «فلما أعتقني وتزوجني ما شعرت إلا بجارية من بنات عمي تخبرني بفك الأسرى ، فحمدت الله تعالى» (٢).
مع أن هناك ما يناقض ذلك كله :
فقد قيل : جعل «صلى الله عليه وآله» صداقها عتق كل أسير من بني المصطلق (٣).
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ١ ص ٤١٢ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٥٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٠٣.
(٢) السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٦٧ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٥٠.
(٣) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٣٨٣ وطبقات ابن سعد ج ٢ ص ٦٤ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٥٠ والمغازي للواقدي ج ١ ص ٤١٢.