ما نثق به من قصة أبي لبابة :
وربما يكون لقصة أبي لبابة أساس من الصحة ، ولكن ليس بالصورة التي يذكرها المؤرخون.
وذلك بأن يكون قد خان الله ورسوله ، وربما تكون توبته قد تأخرت إلى غزوة تبوك ، وربما كانت توبته خوفا من كشف خيانته من جهة جبرئيل ، فبادر إلى ما يدفع غائلة الفضيحة ، فربط نفسه إلى أسطوانة في المسجد. وربما ، وربما ..
على أننا نريد أن نذكّر القارئ هنا بقول بعضهم : «ليس جريمة أن يخطئ المرء ، ولكن الجريمة أن يتفيأ ظلال خطئه».
إلى أن قال : «لأن هذا التمادي هو جريمة نفسية قبل أن تكون مادية ، ولذلك تاب أبو لبابة الخ ..» (١).
ولكن الظاهر هو : أن أبا لبابة قد تفيأ ظلال خطئه ، وارتكب هذه الجريمة النفسية ، حتى خاف الفضيحة ، فأظهر التوبة ، وربما يكون إظهاره لها بعد نزول قوله تعالى : (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ)(٢) ، فيرتكبون جريمة الخيانة مرة بعد أخرى ، مع اليهود تارة ، ومع المنافقين المتآمرين تارة. ولا ندري إذا كانت ثمة خيانات أخرى لم يستطع التاريخ أن يفصح لنا عنها لسبب أو لآخر.
من سب فاطمة فقد كفر :
قال السهيلي : «روى حماد بن سلمة عن علي بن زيد ، عن علي بن
__________________
(١) التفسير السياسي للسيرة ص ٢٨٣.
(٢) الآية ١٥٨ من سورة آل عمران.