عدد من علمائنا الكبار قد صرح بهذا الأمر ، وسكت عنه آخرون.
ونقول :
إن ما نستفيده من الروايات والشواهد الكثيرة : أن النبي نبي منذ ولد ، وأنه كان قادرا على القراءة والكتابة قبل بعثته كرسول ، وبعدها.
وستأتي الروايات الدالة على الأمر الثاني ، أما الروايات الدالة على نبوته قبل بعثته فيمكن مراجعتها في كتب الحديث عند السنة والشيعة.
ولكن السياسة الإلهية ، القاضية بتيسير الهداية للناس قد قضت بأن لا يمارس ذلك بصورة فعلية قبل البعثة ، وبيان ذلك :
أولا : إذا تحقق للناس : أنه «صلىاللهعليهوآله» لم يتعلم القراءة والكتابة قبل البعثة عند أحد ، ثم رأوا : أنه بعد البعثة قادر على ذلك كأفضل ما يكون. فسوف يدركون : أن ذلك حصل له بالإقدار الإلهي ، وبذلك تقوم الحجة عليهم ، ولا يبقى عذر لمعتذر.
وهكذا يقال : بالنسبة لمعرفته بعلوم الأولين والآخرين ، وسواها مما يعجز البشر عن نيله ، مع أنه لم يقرأ في كتاب ، ولم يدرس عند أحد.
والخلاصة : أن ظهور قدرته لهم على القراءة والكتابة ، ومعرفته بجميع هذه العلوم من دلائل نبوته ، وهو للبشرية جمعاء.
ولا ضرورة بعد ذلك إلى أن يبقى ـ كما يزعمون ـ عاجزا عن القراءة والكتابة ، مع معرفة الآخرين بها ، فإن ذلك قد يثير لديهم الإحساس بأن ثمة نقصا وعيبا في شخصيته ، وقد ثبت بالبراهين العقلية والنقلية أنه منزه عن كل عيب ونقص ..
ثانيا : إن القراءة والكتابة لا تقصد لذاتها ، وإنما هي من العلوم الآلية