التي تقصد إلى غيرها. ونيل المعارف عن طريقها ..
فإذا كانت المعارف والعلوم حاضرة لدى الرسول «صلىاللهعليهوآله» ويراها رأي العين. وهو يخبرهم بها ، ويرون صدقه بصدقها ، فإن البحث عن وسيلة أخرى عاجزة إلا عن إحضار خيالها ، وصورتها لديه لا أكثر (١). يصبح سفها غير مقبول .. ويكون بذلك كالذي يجد حبيبه إلى جنبه ، ثم يطلب النوم لعله يرى خياله في عالم الرؤيا.
ومن المعلوم : أنه ليس كل عدم نقصا ، وليس كل وجدان كمالا ..
فإن معرفتنا نحن بالأمور والعلم بها كمال بالنسبة لنا ، فإذا توقف ذلك على امتلاك آلات وأدوات ، فإن حصولنا على العلوم الآلية والأدوات الموصلة لها كمال لنا أيضا ، وفقدانها نقص ، لأنه يوجب حرماننا من كثير من المعارف التي نعجز عن الوصول إليها بدونها.
أما إذا كانت المعارف حاضرة بنفسها لدى العالم ، ولا يحتاج إلى تلك الآلات الموصلة ، كان ذلك عين الكمال .. ولا يكون فقدانه للآلات الموصلة نقصا له ، بل يكون حضورها لديه بلا فائدة ولا عائدة هو السفه والنقص.
فمن يستطيع الوصول إلى أي مكان في العالم بمجرد إرادته ، فإن ركوبه للدابة ، والسعي إلى ذلك المكان ، وتحمل المتاعب ، وصرف الساعات
__________________
(١) إشارة إلى الوجود اللفظي والكتبي الذي يلزم منه حضور صورة الشيء في الذهن ، لا حضور نفس الشيء لدى العالم.
وإشارة إلى ذلك : حالة التخيل لأمور يسمع بها ، ولم يكن قد رآها. فهي حاضرة حضورا تخيليا لا يصل إلى درجة حضور صورة الشيء في الذهن ، فضلا عن حضور نفس الشيء لدى العالم.