وأنى قريش تديه ، وإنما بعثته بنو زهرة؟
فقال الأخنس بن شريق : والله ما نديه ، ما قتلناه ، ولا أمرنا بقتله ، قتله رجل مخالف ؛ فأرسلوا إلى محمد يديه.
فقال أبو سفيان بن حرب : لا ، ما على محمد دية ولا غرم ، قد برئ محمد. ما كان على محمد أكثر مما صنع. فلم تخرج له دية.
فأقام أبو بصير وأصحابه بسيف البحر ، وقال ابن شهاب : بين العيص وذي المروة من أرض جهينة ، على طريق عيرات قريش.
قال محمد بن عمر : لما خرح أبو بصير لم يكن معه إلا كف تمر ، فأكله ثلاثة أيام ، وأصاب حيتانا قد ألقاها البحر بالساحل فأكلها. وبلغ المسلمين الذين قد حبسوا بمكة خبر أبي بصير ، فتسللوا إليه.
قال محمد بن عمر : كان عمر بن الخطاب هو الذي كتب إليهم بقول رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لأبي بصير : «ويل أمه محش حرب لو كان له رجال» ، وأخبرهم أنه بالساحل.
وانفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو الذي رده رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إلى المشركين بالحديبية ، فخرج هو وسبعون راكبا ممن أسلموا فلحقوا بأبي بصير ، وكرهوا أن يقدموا على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في هدنة المشركين ، وكرهوا الثواء بين ظهراني قومهم ، فنزلوا مع أبي بصير.
ولما قدم أبو جندل على أبي بصير سلم له الأمر ، لكونه قرشيا. فكان أبو جندل يؤمهم. واجتمع إلى أبي جندل ـ حين سمع بقدومه ـ ناس من بني غفار ، وأسلم ، وجهينة ، وطوائف من الناس ، حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل ـ كما عند البيهقي عن ابن شهاب ـ لا تمر بهم عير لقريش إلا أخذوها ، وقتلوا