إذ من غير المعقول : أن يبدأ النبي «صلىاللهعليهوآله» دعوته لهم بالتهديد والوعيد ، قبل إتمام الحجة ، وظهور اللجاج والعناد والبغي منهم ، ولا سيما لملوك يعيشون حالة الكبر والزهو ، والعنفوان الظالم ، والشعور بالعظمة والقوة .. فإن مواجهتهم بما يوجب نفورهم بمثابة الإسهام في حرمانهم من الهداية ..
من أجل ذلك نرجح : أن يكون الكتاب الذي ذكرناه أولا هو الذي أرسله النبي «صلىاللهعليهوآله» أولا ، ثم أرسل رسائل أخرى ذكر فيها الجزية ، وغير ذلك.
كما أننا لا نستبعد : أن يكون «صلىاللهعليهوآله» قد ذكر في كتابه لكسرى الآية المباركة : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ ..) لأن للمجوس أحكام أهل الكتاب ،
وقد ورد : أنه قد كان لهم كتاب فضيعوه أو أحرقوه (١).
ولعل عدم نقلها في كتاب كسرى ، من أجل أن المؤرخين أسقطوها اختصارا أو سهوا ، أو لم ينقلها لهم الناقلون ؛ لأنهم اعتقدوا خطأ : أنها لا تحمل مضمونا خاصا ، يراد إبلاغه للمرسل إليهم ، سوى دعوتهم إلى توحيد الله ، الذي ذكر في الرسالة نفسها أولا ..
__________________
(١) راجع : فقه القرآن ج ١ ص ٣٤٢ و ٣٤٤ وعن فتح الباري ج ٩ ص ٣٤٣ والكافي ج ٣ ص ٥٦٨ ومن لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ٥٤ وتهذيب الأحكام ج ٤ ص ١١٣ وج ٦ ص ١٥٩ والوسائل ج ١١ ص ٩٦ و ٩٧ والفصول المهمة ج ٢ ص ٢١٢ والبحار ج ١٤ ص ٤٦٣ ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٤١٣ والتفسير الصافي ج ٢ ص ٣٣٤ وتفسير نور الثقلين ج ٢ ص ٢٠٢ وقصص الأنبياء للجزائري ص ٥١٤.