ومعنى ذلك : أنه لم يكن يرى إخراجهم واجبا شرعيا ، كما أنه قد احتج لما يفعله باشتراط النبي «صلىاللهعليهوآله» إبقاءهم بالمشيئة حيث قال : «إذا شئنا» ولم يحتج لذلك بما ثبت له عنه «صلىاللهعليهوآله» ، من عدم بقاء دينين في أرض العرب.
مع أنه لو كان هذا هو السبب والداعي ، لكان الإحتجاج به أولى وأنسب.
ومما يؤيد ذلك ويعضده : أن اليهود حين اعترضوا عليه بقولهم : لم يصالحنا النبي «صلىاللهعليهوآله» على كذا وكذا؟؟
قال : بلى. على أن نقركم ما بدا لله ولرسوله ، فهذا حين بدا لي إخراجكم.
فأخرجهم (١).
ز : إنه قد أخرج نصارى نجران أيضا ، وأنزلهم ناحية الكوفة (٢).
ح : ذكرت بعض الروايات : أن السبب في إجلائهم هو استغناء المسلمين عنهم ، وليس تنفيذا لوصية النبي «صلىاللهعليهوآله» بإخراجهم.
يقول ابن سعد وغيره : إنه لما صارت خيبر في أيدي المسلمين ، لم يكن لهم من العمال ما يكفون عمل الأرض ، فدفعها النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى اليهود ، يعملونها على نصف ما يخرج منها.
فلم يزالوا على ذلك حتى كان عمر بن الخطاب ، وكثر في أيدي
__________________
(١) المصنف للصنعاني ج ٤ ص ١٢٥ وراجع تاريخ المدينة لابن شبة ج ١ ص ١٧٨ وسيأتي الحديث بلفظ آخر بعد قليل تحت حرف : ط.
(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٣ ص ٢٨٣ والثقات لابن حبان ج ٢ ص ٢٢٢ وتاج العروس ج ٣ ص ٥٦ وعن تاريخ الأمم والملوك ج ٣ ص ٢٠٢ والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج ٧ ص ١١٥.