ويزيد هذا الأمر وضوحا : أن الأمر بإكفاء القدور لا يخلو سببه من أحد أمرين :
إما لأن الأمر لم يكن قد بلغ بهم حد الإضطرار ، المسوغ لذبح الحمر الإنسية ..
أو لأجل أنه قد كانت عندهم أنواع أخرى من الطعام غير اللحم.
إكفاء القدور ، لماذا؟؟
ومن الواضح : أنهم بذبحهم لتلك الحمر إنما تصرفوا بأموالهم ، فأمره «صلىاللهعليهوآله» بإكفاء القدور معناه : تسويغ إتلاف مال لم يكن يسوغ لهم إتلافه في الحالات العادية ..
فقد يقال : إن السبب في إصداره «صلىاللهعليهوآله» لذلك الأمر هو : الخوف على الحمر الأهلية من أن تفنى.
ويجاب عن ذلك : بأنه قد كان بالإمكان أن يسوّغ لهم تناول ما ذبحوه منها ، ثم ينهاهم عما عداه ، لأن لحوم الحمر الأهلية ليست محرمة في ذاتها كلحوم السباع مثلا ..
إلا أن يقال : إن رغبتهم الجامحة في الطعام جعلت الإكتفاء بمجرد النهي قاصرا عن تحقيق هذا الغرض ، فكان من الضروري أن تصاحبه إجراءات قوية ورادعة ، إذ لو لا ذلك لاستمروا في المخالفة ، ثم اعتذروا وأظهروا الندامة.
ولكن هذا الإعتذار غير مقبول ، إذ لا تصح العقوبة قبل الجناية. فكان المناسب أن يسوغ لهم تناول ما ذبحوه ، ثم ينهاهم عما عداه.