يشعروا : بأنهم قد ظلموا بهذا الاستقصاء الذي يواجهونه ، متوهمين أنهم إنما أعطوا العهد على أن يعاملوهم وفق الأحوال العادية. وأما هذا الاستقصاء فهو أمر طارئ ، ولو أنهم علموا به ، فربما يعيدون النظر في عهدهم ذاك ..
فأراد «صلىاللهعليهوآله» أن يزيل حتى هذا الوهم ، فقال لهما على سبيل التقرير ، وأخذ الرضا : إنكما إن كتمتماني شيئا فاطلعت عليه ، استحللت به دماءكما ، وذراريكما؟؟
قالا : نعم ..
وليلاحظ كلمة : «به» ، التي أسندت هذا الاستحلال ، إلى نفس هذا الكتمان الجديد. لتكون هذه الخيانة سببا مستقلا للعقوبة التي رضوا بأن يعرضوا أنفسهم لها ، من حيث إنها دليل على حقيقتهم ، وعلى نهجهم الخياني كله ، هذا النهج الذي لم يؤثر فيه كل ما جرى ويجري لهم ، مما جنوه على أنفسهم ، وإنما على نفسها جنت براقش ..
إنك لمغتر بأمر السماء :
ويزيد الأمر وضوحا : أن هؤلاء الناس ، رغم أنهم يجدون هذا النبي مكتوبا عندهم في التوراة ، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، ويرون المعجزات والكرامات له رأي العين ، وقد اقتلع وصيه علي «عليهالسلام» باب حصنهم ، وجعله ترسا ، ومعبرا للمقاتلين ، وهو ممسك به ، وحامل له .. ولكنهم لا يعتبرون ، ولا يؤمنون ، وكأنهم يكافحون الله تعالى في الأرض ، حيث لم يقدروا على مكافحته في السماء.
والمفروض : أن يمنعهم علمهم بصدق هذا النبي من الكذب عليه ،