وكانت احتجاجاته على أهل الملل والنحل بعد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وحله للمعضلات العلمية ، والفقهية ، والسياسية ، وغير ذلك ، دليل صدق على إخلاص علي «عليهالسلام» ، وصحة جهاده.
وتبقى الكثرة هي التي تستفيد ، وتستغل الظروف ، بل وتظلم أهل الحق ، والخير ، وتغتصب حقوقهم باسم الدين. ويكون هؤلاء هم العبء الثقيل ، والسيف الصقيل ، والعدو في صورة الصديق والخليل ، الذي يشغل المخلصين بمؤامراته ، وبالأجواء المسمومة التي يثيرها ، وبالمتاعب والمشكلات التي يتسبب بها. فإنا لله وإنا إليه راجعون ..
و : رشحة من أخلاقيات الإسلام :
وفي قيام الرسول الأعظم «صلىاللهعليهوآله» بنفسه لخدمة الوفد القادم من الحبشة تجسيد عملي لأخلاقيات الإسلام ، التي تفرض على الإنسان المؤمن عرفان الجميل لأهله ، وإعطاء كل ذي حق حقه ..
وكان يكفي أن يقوم بعض رجالات المسلمين بإكرام ذلك الوفد ، وإظهار المزيد من الحفاوة به .. ولكن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أراد أن يعرف الناس : أن القضية أسمى من أن تكون مجرد مبادلة موقف بموقف ، وفق ما تقتضيه المصالح ، والظروف ؛ بل هي حالة حقيقية ، تدخل في عمق الروح ، وفي تكوين الذات ، لتصبح جزءا من الكيان ، وحقيقة كامنة في حنايا وجوده الإنساني ..
وليصبح ذلك درسا حقيقيا في الدور الذي يجب أن تضطلع به القيم والمثل العليا في حياة البشر ، من حيث هيمنتها على الفكر ، وعلى المشاعر ،