فلما ولى ابنه الملك العزيز عثمان أعاد المكوس وزاد فى شناعتها. قال القاضى الفاضل فى متجددات سنة تسعين وخمسمائة وكان قد تتابع فى شهر شعبان أهل مصر والقاهرة فى أظهار المنكرات وترك الإنكار لها وإباحة أهل الأمر والنهى إليها وتفاحش الأمر فى تلك السنة إلى أن غلا سعر العنب لكثرة من يعصره ، وأقيمت طاحون بحارة المحمودية لطحن بذر الحشيش فيها وخميت بيوت المزر ، وأقيمت عليها الضرائب الثقيلة حتى صارت تأخذ منها فى كل يوم [ق ١١٩ أ] ستة عشر دينارا ، وحملت أوانى الخمر على روءس الأشهاد وفى الأسواق من غير منكر لذلك وظهر عقب ذلك وفوق زيادة النيل عن معتادها وغلت سعر الغلة فى وقت ميسورها.
وقال جامع السيرة التركية : ولما استقل الملك المعز عز الدين أيبك التركمانى الصالحى بمملكة مصر فى سنة خمسين وستمائة بعد انقراض دولة بنى أيوب ، فجدد أيبك التركمانى مكوسا وضمانات وأخذ من التجار أموالا ومن أرباب العقارات وغير ذلك.
ولما ولى الملك المظفر سيف الدين قطز مملكة مصر بعد خلع الملك المنصور على ابن المعز أيبك التركمانى أحدث عند سفره الذى قتل فيه مظالم كثيرة لأجل جمع المال وصرفه فى الحركة لقتال التتار منها أنه أحدث على كل إنسان دينارا من الفقراء والنساء وأخذ ثلث الترك الأهلية وأحدث من هذا الأمر شىء كثيرا حتي بلغ ذلك ستمائة ألف دينار ، فلما قتل قطز ومضى خبره.
وجلس الملك الظاهر ركن الدين بيبرس بعده على سريره الملك بمصر [ق ١١٩ ب خ بقلعة الجبل فعند ذلك أبطل جميع ما كان من المظالم قديما وحديثا وكتب بذلك مساميح قرئت على المنابر وذلك فى سنة اثنين وستين وستمائة وأبطل ضمان الحشيس من الديار المصرية وأمر باراقة الخمور وأبطال المنكرات وخراب بيوت المسكرات ومنع الحانات من الخواطى بجميع أقطار مملكة مصر والشام فظهرت من ذلك البقاع جميعا وقد أحضر إليه بشخص يسمى الكازرونى وهو سكران فأمر بصلبه وعلقت الجرة فى عنقه وذلك الذى يقول فيه ابن دانيال.
لقد كان بعد السكر من قبل صلبه |
|
خفيف الأذى إذ كان فى شرعنا جلدك |
فلما بدا المصلوب قلت لصاحبى |
|
ألايت فإن الحد قد جاور الحدا |
ولما ولى الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفى بمملكة مصر أبطل زكاة الدولة وهو ما