كان يؤخذ من الرجل عن زكاة ماله أبدا ولو عدم منه ولو مات لا يزال يؤخذ من ورثته ، وأبطل ما كان يجبى من أهل إقليم مصر كله إذا حضر مبشر بفتح حصن أو بنصرة عسكر [ق ١٢٠ أ] أو نحوه فيؤخذ من الناس على قدر طبقاتهم وكان يجتمع من ذلك مال كثيرة ، وأبطل ما كان يجنى عنده وفاء النيل من أهل مصر مما كان يعمل شوى وحلوى وفاكهة برسيم المقياس وجعل مصروف ذلك من بيت المال وأبطل أشياء كثيرة من هذا النمط.
ولما ولى الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون أبطل ضمان المغانى ، وكان ذلك بلاء عظيما وهو عبارة عن أخذ مال من النساء البغايات وذلك لو خرجت أجل المرأة فى مصر تريد البغا ونزلت اسمها عند الضامنة وقامت بما يلزمها لما قدر أكبر من فى مصر بمنعها من عمل الفاحشة وكان يؤخذ من كل باع ملكا عن ألف درهم عشرون درهما ، وكان متحصل هذين الجهتين مال كبير جدا.
ولما ولى الملك الظاهر برقوق أبطل من المظالم شيئا كثيرا منها ما كان يؤخذ من بيع القمح من الفقراء بثغر دمياط فمن يبتاع من أردبين إلى ما دونهما ، وأبطل ما كان يؤخذ على الدريس والحلفاة بباب النصر خارج القاهرة ، وأبطل الأبقار التى كانت ترمى على الناس بالوجه البحرى عند فراغ الجسور وأبطل من هذا النمط شيئا كثيرا.
ولما ولى ابنه الملك الناصر فرج بن برقوق [ق ١٢٠ ب] الملك بمصر زاد فى الظلم وتجديد المكوس بواسطة الأمير جمال الدين يوسف الاستا دار فزاد مظالما كثيرة وكان فيما زاده أخذ المكس من الصيادين وكان ذلك قد بطل من مصر وأعمالها من البورى وغيره من السمك ، ولما تجدد المكس عليها قل السمك بالقاهرة وغلا سعره.
قال أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس فى تاريخ مصر أن كان صنما بالإسكندرية يقال له شراحيل على حشفه من حشف البحر مستقبل بأصبع من كفه نحو قسطنطينية أكان مما عمله سليمان بن داود ، أم عمله الإسكندر؟ فكانت الحييتان السمك يدور بذلك الصنم ، وتصاد عنده فيما زعموا ، فكتب رجل يقال له أسامة بن زيد وكان عاملا على مصر للوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين كتابا يذكر فيه إن عندنا بالإسكندرية صنما يقال له شراحيل من نحاس ، وقد غلت علينا الفلوس الجدد والنحاس ، فإن رأى أير المؤمنين أن ينزله ويضربه فلوسا فعلنا ، وأن رأى غير ذلك فالأمر أمره ، فكتب إليه : لا تنزله حتي أبعث إليك أمناء يحصرونه فبعث إليه رجالا [ق ١٢١ أ] أمنتاء حتى أنزلونه من الحشفة فوجدوا عيناه