واذبحهما لها والقيمها أتاهما فإنها تشتغل بأكلهما ، فأدخل أنت إلى الكوة تجد فيها امرأة عظيمة ، من نور فلا تدن فيها تحترق ولكن أقعده من بعيد وسلم عليها فإنها تخاطبك فإنهم ما تقول لك وأعمل به فإنك تظفر بكنوز مصر أم فأنها حافظة لها. فلما انتبه عمل ما أمره أبوه فى المنام ، فلما رأى المرأة فزع منها ثم قعد من بعيد كما قال له أبوه وسلم عليها. فقالت له : أتعرفنى ، قال : لا. قالت أنا صورة النار المعبودة فى الأمم الخالية وقد أردت أن تحيى ذكرى وتجد دلى بيتا تقد لى فيه نارا دائمة وتجعل له عيدا فى كل سنة وتحضره أنت وقومك فإنك تتخذ بدلك عندى يدا [ق ١٤٥ ب] أسلك بها شرقا إلى شرفك وأمنع عنك من تطلبك بسوء وأدلك على كنوز مصرام فضمن لها أن يفعل كلما أمرته به فهند ذلك دلته على كنوز مصرام الذى تحت المدائن المعلقة وعلمته كيف يصير إليها وكيف يحترس من الأرواح الموكلة بها وما ينجبه منها ثم قال لها كيف لى بأن أراك فى وقت آخر.
قالت له : لا تعد أنت تهلك فإن الأفعى لا تمكنك وقت آخر ولكن بحرقى بيتك بكذا وكذا فإنى أتيك فسر بذلك وغابت عنه ، فخرج من عندها وفعل ما أمرته به من عمل بيت النار وظفر بكنوز مصر أم وأقام مدة. ولما مات عمل في ناووس ومعه كنوزه وجعل عليه طلسم يحفظه ممن يقصده وملك بعده ابنه سوريد ، وكان حكيما فاضلا وهو أول من جبى الخراج بمصر ، وعمل أعمالا عجيبة منها مرأة كان ينظر فيها إلى الأقاليم فيعرف ما حدث من الحوادث فيها وما خصب منها ، وما جدت وأقام هذه المرأة فى وسط مدينة امسوس وكانت من نحاس وعمل أيضا صورة [ق ١٤٦ أ] امرأة من نساء مصر إذا أصابتها علة فى موضع من جسمها أتت إلى هذه الصورة ومسحت الموضع الذى تشكوا منه فتزول عنها العلة وأن قل لبنها مسحت ثديها بثدى هذه الصورة فيغزر لبنها وأن عسرت ولادة امرأة مسحت رأس تلك الصورة الذى فى حجرها الصغيرة ، فتضع حملها سريعا وإن أرادت المرأة التحبب إلى زوجها مسحت وجهها وتقول أفعلى بفلان كذا وكذا ، وإذا وضعت الزانية يدها عليها أرتعدت ولم تقدر على الرجوع حتى تتوب ولم تزل هذه الصورة باقية إلى أن أزالها الطوفان.
وفى كتب القبط أن هذه الصورة وجدت بعد الطوفان وإن أكثر الناس عبدوها بعد الطوفان وسوريد هذا هو الذى بنى الهرمين العظيمين بمصر. ولما مات دفن فى الهرم ومعه كنوزه ، ويقال إنه كان قبل الطوفان بثلاثمائة سنة ثم ملك من بعده ابنه هرجيب ، وكان حكيما فاضلا [ق ١٤٦ ب] فى علم السحر فعل أعمالا عجيبة وأظهر علم الكيمياء وبنى أهرام دهشور وحمل