زمان الشهر بحسب ما يقع بين كل هلالين فربما كان بعض الشهور تاما أعنى ثلاثين وربما كان [ق ٢٤١ ب] ناقصا أعني تسعة وعشرين وربما كانت أشهرا متوالية ناقصة أكثرها ثلاثة ، وكان يقع حج العرب في أزمته السنة كلها وهو أدا في عاشر ذي الحجة من عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام فإذا انقضيموسم الحج تفرقت العرب طالبة أماكنها وأقامت أهل مكة بها فلم يزالوا علي ذلك دهرا طويلا إلي غير وادين إبراهيم وإسماعيل فأحبوا أن يتوسعوا في معيشتهم ويجعلوا حجهم في وقت إدراك ثمارهم وغلاتهم ونحو ذلك وأن يثبت ذلك علي حالة واحدة في أطيب الأزمنة وأخصبها فتعلموا كبس الشهور عن اليهود الذين نزلوا في يثرب من عهد شمويل نبي بني إسرائيل وتعلموا النسبي قبل الهجرة بنحو مائتي سنة وقيل إن أول من إنشاء النسبي سرير ابن ثعلبة وانقرض ، ثم أنشأه بعده ابن أخيه القلمس ، اسمه عدي بن عامر بن ثعلبة ابن الحارث بن مالك بن كنانة ، ثم صار النسبي في ولده ، وكان آخرهم أبو ثمامة [ق ٢٤١ أ] جناده وقيل أخذه عوف بن أمية بن قلع عن أبيه عن جده عياد بن حذيفة عن جده حذيفة : وكان يقال لحذيفة القلمس وهو أول من أنشأ الشهور علي العرب فأحل وحرم منها ما حرم ، ثم كان بعد عوف المذكور ولده أبو ثمامة جنادة بن عوف وعليه قام الإسلام ، وكان أبعدهم ذكرا وأطولهم أمدا ويقال أنه نشاد أربعين سنة ولهم يقول عمير بن قيس يفتخر بشعر :
وأتي الناس لم نسبق بؤثر |
|
وأتي الناس لم نعلك لجاماه |
السنا الناسبين علي معد |
|
شهور الحل نجعلها حراماه |
وقال عباد بن ثعلبة بن أنف الكلب الصيداوي من بني أسد بن خزيمة شعر يفتخر به :
ايزعم اني من فقيم ابن مالك |
|
لعمري لقد غيرت ما كنت أعلم |
لهم ناشيء يمشون تحت لواءه |
|
يحل إذا شاء الشهور وتحرم |
وقيل كانت العرب تكبس كل أربع عشرين سنة قمرية بتسعة ج أشهر فكانت شهورهم ثابتة مع الأزمنة جارية علي سنين واحد لا تتأخر عن أوقاتها [ق ٢٤٢ ب] ولا يتقدم ، وكان النسبي الأول في المحرم فسمي صفر باسمه وشهر ربيع الأول باسم صفر ، ثم الوي بين أسماء الشهور ، كان النسبي الثاني في صفر فسمي الذي كان يتلوه بصفر أيضا وكذلك حتي دار النسبي في الشهور الأثني عشر وعاد إلي المحرم فأعادوا فعلهم الأول وكانوا يعدون أدوار