تحمله السيول التي تنصب في النيل حتى تكون زيادته منها. وفيه يكون الزرع بعد هبوط والإ فأرض مصر سبخة لا تنبت ولا ينبت منها إلا ما مر عليه. قال : والسبب فى عظم المد والجزر كثرة الأشعة فإذا زاحمت الشمس والقمر والكواكب السيارة عظيم فيض البحر ، وإذا عظم فيض البحر فاضت الأنهار ، وكذلك إذا نهض القمر لمقابلة أحد السيارة ارتفع البخار وصعد إلى كورة (١) الزمهرير ، ونزل المطر. فإذا فارق القمر الكواكب ارتفع المطر لكثرة التحليل ، كما يكون فى نصف النهار عند توسط الشمس لرؤوس الخلق ، وكما يكون عند حلول الكواكب الكثيرة على وسط خط أرين ... والله أعلم ..
قال بعضهم : الذى تحصل من هذا القول أن النيل مخرجه من جبل القمر ، وأن زيادته إنما هى من فيض البحر عند المد.
فأما كون مخرجه من جبل القمر فمسلم إذ لا نزاع في ذلك. وأما كون زيادته لا تكون إلا من درع البحر له ، بما حصل فيه من المد ، فليس كذلك. نعم توالى هبوب الرياح الشمالية مغنية على [ق ٦٤] وفور الزيادة وردع البحر له إعانة علي الزيادة [ق ٦٥ أ] ماء النيل وركد منه هذا الطين.
وقوله «أن السيل يكون فى غير وقت فيض البحر ، ولا يفيض النيل لكون البحر في الجزر ، فيصل السيل ويمر نحو البحر فلا يردعه رادع» غير مسلم فإن العادة أن السيول التى عليها زيادة ماء النيل لا يكون إلا عن غزارة مآد الأمطار ببلاد الجنوب ، لا يكون إلا في أيام الصيف ، ولم يعهد قط زيادة النيل فى الشتاء.
وأول دليل على أن كون زيادته عن سيل يسيل فيه إنما يزيد بتدرج على قدر ما يهبط فيه من السيول. واما استدلاله يصب النيل في أسوان واتساعه أسفل الأرض ، فإنما ذلك يصب من علوى فتخرج بين جبلين يقال لهما الجنادل وينبطح في أراضى (٢) حتي يصب في البحر ... فاتساعه حيث لا يجد حاجزا يحجزه عن الأنبساط.
وأما قوله «أن الأسداد إذا كثرت (٣) فاض الماء على الأرض دفعة» فليس كذلك ، بل
__________________
(١) وردت فى الأصل «كرة» والصواب فى المتن.
(٢) وردت عند المقريزى «الأرض» وهى قريبة من الصواب.
(٣) وردت في الأصل «كسر» والصواب في المتن.