والأقرع بن حابس ، وسهيل بن عمرو ، وغيرهم من ذوي النفوذ الذين كان «صلىاللهعليهوآله» يتألفهم على الإسلام ، دفعا لشرهم ، أو لأجل ما لهم من تأثير في الناس.
فما معنى أن يطالب النبي «صلىاللهعليهوآله» بإعطاء جعيل ، أو جعال مثل ما أعطى هؤلاء النفر؟!
٣ ـ بل إن جعيل بن سراقة كان مسكينا فقيرا ، كشكله من الناس ، كما في بعض الروايات (١). ولا يقرن أمثاله بالرؤساء في المطالبة بإعطائه مثلهم.
٤ ـ على أن جعال بن سراقة ، وهو من فقراء المهاجرين قد لطم وجه سنان بن وبرة ، حين ازدحموا على الماء ، وكادت تكون فتنة ، لو لا أن النبي «صلىاللهعليهوآله» تداركها بحكمته ، حيث يروى : أن ابن أبي قال في هذه المناسبة : (لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) (٢)» (٣).
ولعل المراد ـ لو كان للقضية أصل ـ : أنه حتى جميل بن سراقة ، الذي تشبه به إبليس اللعين ، كان أفضل من هؤلاء الناس ، لأنه يظهر الإسلام ، ولا يحاربه ، ولا يضرّ به بالمقدار الذي يضرّ به أبو سفيان ، وعيينة ، والأقرع.
ب : بالنسبة لحديث عمرو بن تغلب نقول :
__________________
(١) الإصابة ج ١ ص ٢٣٩ وعمدة القاري ج ٢٠ ص ٨٧ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٨٥ وفي الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ١ ص ٢٦٠ و (ط دار الجيل) ص ٢٧٤ : أنه كان من فقراء المسلمين. وراجع : المجازات النبوية ص ٧٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٤ ص ١٧٠ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢١٧ وج ٦ ص ٣٤٣.
(٢) الآية ٨ من سورة المنافقون.
(٣) راجع : فصل «ليخرجن الأعز منها الأذل» من هذا الكتاب.