قلنا : نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار.
قالا : فلا عليكم أن لا تقربوهم يا معشر المهاجرين ، اقضوا أمركم.
قال : قلت : والله لنأتينهم ، فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة ، فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل ، فقلت : من هذا؟
فقالوا : سعد بن عبادة.
فقلت : ما له؟
فقالوا : وجع. فلما جلسنا تشهّد خطيبهم ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد .. فنحن الأنصار ، وكتيبة الإسلام ، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط نبينا ، وقد دفت إلينا دافة من قومكم.
قال : وإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا ، ويغصبونا الأمر ، فلما سكت أردت أن أتكلم ، وقد زورت في نفسي مقالة قد أعجبتني ، أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر ، وكنت أداري منه بعض الجد ، فقال أبو بكر : على رسلك يا عمر ، فكرهت أن أعصيه ، فتكلم. وكان هو أعلم مني ، وأوقر ، فو الله ما ترك من كلمة أعجبتني كنت زورتها في نفسي إلا قالها في بديهته أو مثلها أو أفضل منها ، حتى سكت (١).
إلى أن قال :
فتشهد أبو بكر ، وأنصت القوم ، ثم قال : بعث الله محمدا بالهدى ، ودين
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣١٢. وراجع : شرح نهج للمعتزلي ج ٢ ص ٢٤ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٣٢٧ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٣ ص ٣٠٥ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ١٠٧٣.