فيدل على ضعف الأنصار ، وسطحية تفكيرهم ، وقلة تجربتهم ، وضآلة شخصيتهم بصورة عامة ..
نعم ، لقد دخلوا عليهم ، وأعلنوا خلافة أبي بكر ، ثم بايع عمر وأبو عبيدة ، وبشير بن سعد ، وأسيد بن حضير أبا بكر ، وأضاف البعض : سالم بن أبي حذيفة ، وعويم بن ساعدة ، ومعن بن عدي. ثم خرجوا من بينهم ، وتركوهم يتلاومون ، أو يتشاتمون ، وأقبلوا بأبي بكر يزفونه إلى المسجد كما تزف العروس (١).
ولم يكلفهم تحقيق هذا الإنجاز سوى بضع كلمات تفوه بها أبو بكر وحده ، هي لا تتجاوز بضعة أسطر ، كان لها كل هذا الأثر السحري ، فقد قال :
«إن هذا الأمر إن تطاولت إليه الخزرج لم تقصر عنه الأوس ، وإن تطاولت إليه الأوس لم تقصر عنه الخزرج ، وقد كانت بين الحيين قتلى لا تنسى ، وجراح لا تداوى.
فإن نعق منكم ناعق جلس بين لحيي أسد ، يضغمه المهاجري ، ويجرحه الأنصاري.
وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلكم في الدين ، ولا سابقتكم العظيمة في الإسلام ، رضيكم الله أنصارا لدينه ولرسوله ، وجعل إليكم هجرته ، وفيكم جلة أزواجه وأصحابه ، فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا
__________________
(١) راجع : شرح النهج للمعتزلي ج ٦ ص ١٩ عن الموفقيات ص ٥٧٨ والرياض النضرة ج ١ ص ١٦٤ وتاريخ الخميس ج ١ ص ١٨٨.