دابته حين توجه ليرمي الجمار عند مضرب علي بن الحسين (عليهماالسلام) فقلت له : جعلت فداك لم نزلت هاهنا؟ فقال : إن هذا مضرب علي بن الحسين (عليهماالسلام) ومضرب بني هاشم وأنا أحب أن امشي في منازل بني هاشم». أقول : المفهوم من هذه الأخبار بضم بعضها إلى بعض هو التخيير بين الركوب والمشي من غير تفضيل في جانب أحدهما على الآخر ، لأن جملة منها قد تضمنت أنهم (عليهمالسلام) كانوا يرمون مشاة ، وجملة أخرى تضمنت أنهم (عليهمالسلام) كانوا يرمون ركبانا ، ودعوى حمل أخبار المشي على الفضل والاستحباب وأخبار الركوب على الجواز ـ كما يفهم من المدارك وغيره ـ يحتاج الى دليل.
وبالجملة فهذه أخبار المسألة التي وقفت عليها ، ولا يظهر لي منها وجه رجحان وتفضيل لأحد الأمرين ، كما لا يخفى على المتأمل ، ودعوى أن المشي أشق ، وأفضل الأعمال أحمزها (١) مع كونه خارجا عن أدلة المسألة غير مسلم على إطلاقه.
و (منها) الرمي خذفا على المشهور ، وقال السيد المرتضى رضى الله عنه : «مما انفردت به الإمامية القول بوجوب الخذف بحصى الجمار ، وهو أن يضع الرامي الحصاة على إبهام يده اليمنى ويدفعها بظفر إصبعه الوسطى».
ووافقه ابن إدريس ، فقال بالوجوب ، وربما كان منشأه الاعتماد على الإجماع المفهوم من كلامه ، وإن لم يذهب إليه غيره على ما يفهم من كلام الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) ومنهم العلامة في المختلف ، حيث
__________________
(١) إشارة إلى ما رواه ابن الأثير في النهاية عن ابن عباس في مادة «حمزة».