ورواية حماد بن عثمان الاولى وروايته الثانية ، ورواية جميل بن دراج ، ورواية محمد بن المستنير ، والعجب ، من السيد السند (قدسسره) في المدارك أنه انما استدل هذا الحكم برواية محمد بن المستنير ورواية حماد بن عثمان الاولى ، وطعن فيهما بضعف الاسناد ، ثم قال : والآية الشريفة محتملة لمعان متعددة ، بل مقتضى رواية معاوية بن عمار الصحيحة أن المراد بالاتقاء خلاف هذا المعنى ، والمسألة محل إشكال.
أقول : ليت شعري أي فرق بين مدلول رواية حماد بن عثمان التي ذكرها ، وصحيحة معاوية التي أشار إليها ، فان كلا منهما قد فسر الاتقاء في الآية باتقاء الصيد في إحرامه ، فكيف يتم ما ذكره من أن الصحيحة المذكورة تدل على ان الاتقاء خلاف هذا المعنى ، يعنى اتقاء الصيد
نعم ذلك مدلول روايات آخر كما عرفت ، وأعجب منه انه قد قدم الصحيحة المشار إليها بنحو ما نقلناه ، فكيف اتفقت له هذه الغفلة عن مراجعتها.
وبالجملة فالحكم المذكور عار عن وصمة الإشكال كما لا يخفى على من أعطى التأمل حقه في هذا المقام ، وثانيها قد تقدم أن المشهور في معنى المتقى الذي يجوز له النفر في النفر الأول هو من اتقى الصيد أو النساء في إحرامه.
وقال ابن إدريس : أنه من لم يكن عليه كفارة بالكلية ، يعنى من اتقى جميع محرمات الإحرام الموجبة للكفارة.
ويدل على القول المشهور من الاخبار المتقدمة صحيحة معاوية ابن عمار ، ورواية حماد بن عثمان الاولى والثانية وغيرها ، ويدل على ما ذهب اليه ابن إدريس رواية سلام بن المستنير المتقدمة ، الا أنها غير صريحة بل ولا ظاهرة في المنافاة ، لما عرفت من اختلاف الاخبار في تفسير التعجيل والتأخير وتفسير الاتقاء ، وهذه الرواية إنما اشتملت على تفسير الاتقاء خاصة فلعل ذلك مبنى على معنى آخر للتعجيل والتأخير غير ما هو المشهور في الاخبار وكلام الأصحاب ، ولا يحضرني الان مذهب العامة في المسألة فلعل الرواية المذكورة خرجت مخرج التقية.