سنة ، ثم هي كسائر ماله ،. والأصحاب قد فهموا منها التملك واستدلوا بها على جواز تملكها بعد التعريف ، والخلاف هنا قد وقع في أنه هل تدخل في ملكه بعد التعريف بغير اختيار أو لا بد عن اختياره ذلك ، ظاهر كلام الشيخ في النهاية الأول ، فإنه قال : يعرفها سنة ، فان لم يجيء صاحبها كانت كسبيل ماله ، وكذا قال ابن بابويه ، وبه جزم ابن إدريس.
وقال الشيخ في الخلاف والمبسوط : إذا عرفها سنة لا تدخل في ملكه الا باختياره ، بأن يقول قد اخترت ملكها ، وكذا قال ابن حمزة وأبو الصلاح ، وقال الشيخ المفيد وسلار ، وان كان الموجود في غير الحرم عرف سنة ، فان جاء صاحبه والا تصرف فيه الذي وجده وهو ضامن له ، وليس فيه دلالة على شيء من القولين ، بل هو محتمل لكل منهما ، قال ابن إدريس : الصحيح أنه يملكها بغير اختياره ، وهو مذهب أصحابنا أجمع ، وبه تواترت أخبارهم ، وقول الشيخ في الخلاف أنه يتخير بين حفظها على صاحبها ، وبين أن يتصدق بها عنه ، ويكون ضامنا وبين أن يتملكها مذهب الشافعي وابى حنيفة اختاره هيهنا والحق الصحيح إجماع أصحابنا على أنه بعد السنة كسبيل ماله أو يتصدق بها بشرط الضمان ، ولم يقولوا هو بالخيار بعد السنة في حفظها على صاحبها.
أقول : وعندي فيما ذكروه من دلالة هذه الاخبار على التملك سيما على القول بدخولها في الملك من غير اختياره إشكال ، فإن غاية ما تدل عليه هذه العبارة انها بعد التعريف سنة تكون كسبيل ماله ، والتشبيه لا يقتضي المساواة من كل وجه ، فيجوز ان يكون المراد بحفظها في جملة أمواله ويجرى عليها ما يجرى عليها.
ومما يدل على ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم (١) عن أحدهما (عليهماالسلام) قال : سألته عن اللقطة قال : لا ترفعوها فان ابتليت فعرفها سنة ، فان جاء
__________________
(١) التهذيب ج ٦ ص ٣٩٠.