طعاما أو دراهم أو دنانير أو نحو ذلك فقيل : أنه يبطل النذر ، ونسب الى ابن الجنيد وابن أبى عقيل وابن البراج معللين ذلك بأنه لم يتعبد بالإهداء إلا في النعم ، فيكون نذر غير ما يتعبد به ، وهو باطل ، ويدل عليه رواية أبي بصير عن أبى عبد الله (عليهالسلام) وفيها «فان قال الرجل : أنا أهدى هذا الطعام فليس بشيء إنما تهدى البدن»
وقيل : يباع ذلك ويصرف في مصالح البيت ، قال شيخنا الشهيد الثاني في المسالك بعد نقل المصنف هذا القول : وأما القول ببيعه وصرفه في مصالح البيت فنقله المصنف عن بعضهم ، ولم يعلم قائله.
نعم صرف ما يهدى الى المشهد وينذر له الى مصالحه ومعونة الزائرين حسن ، وعليه عمل الأصحاب ، ويبدء بمصالح المشهد أولا وعمارته ثم يصرف الفاضل الى زواره لينفقوه في سفر الزيارة لا غير مع حاجتهم اليه انتهى.
وظاهر كلام شيخنا المشار اليه هو الفرق بين ما يهدى الى البيت الحرام ، والى المشاهد المشرفة ، وأن ما يهدى الى المشاهد ينبغي صرفه في مصالحها ومعاونة زوارها ، وأما ما يهدى الى الكعبة فسيأتي مذهبه فيه ، وحينئذ فمحل الخلاف في المسألة انما هو ما عدا الانعام ، للإجماع نصا وفتوى اهداؤها ، وما عدا الثلاثة المذكورة فإن الحكم فيها انها تباع ويصرف ثمنها في مصالح البيت أو المشهد ، ومعونة الحجاج والزائرين.
وتنظر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك ، وقبله الشهيد في نكت الإرشاد في تخصيص محل النزاع بما ذكر أولا ، بل ظاهره دخول الثلاثة المذكورة أيضا في ذلك وهو جيد ، فان مقتضى دليل المانعين ذلك لتخصيصهم الهدى بالنعم كما عرفت ، وما عداها فلا يصلح لذلك فلا يكون نذره منعقدا وحينئذ فتدخل الثلاثة المذكورة في محل النزاع.
وكيف كان فهذا القول منقول عنه مردود بما تلوناه من الاخبار الدالة على إهداء الجارية والغزل ، وأما رواية أبي بصير المذكورة فإنها لا تبلغ قوة في معارضة ما قدمناه من الاخبار ، مع أن ظاهرها تخصيص الهدى بالبدن ، والإجماع نصا وفتوى