أما لو كانا كما رويا في الفقيه والكافي فلا دلالة لهما على ذلك ، كما ستقف عليه إنشاء الله. نعم ما يدل على ما ذكره روايته ، انتهى.
أقول : لا يخفى أن ظاهر صحيحة زرارة وكذا ظاهر رواية الحسن الصيقل هو تغاير التحديدين ، وان الحد الذي يحرم فيه الصيد هو بين لابتيها ، والذي يحرم فيه الشجر هو ما بين الجبلين ، وهو مسافة البريد ، وحينئذ فلعل ما في رواية معاوية المذكورة وكذا صحيحة المنقولة في كتاب معاني الاخبار من الدلالة على اتحاد الحدين خرج مخرج التجوز ، حيث أنه القدر المتفق عليه ، والا مسافة ما اشتملت عليه الحرتان أقل من المسافة التي بين الجبلين كما لا يخفى.
وأما قوله «ولا دلالة فيه على عدم تحريم الصيد ولا على تحريمه» ففيه أن الظاهر من عدم التحريم أكله عدم تحريم صيده ، كما ان الظاهر من تحريم الصيد هو تحريم الأكل إذا كان مما يؤكل ، كما لا يخفى على من لاحظ الأخبار المتقدمة في الصيد في باب محرمات الإحرام ، واتفاق كلمة الأصحاب على ذلك ، وهذا المعنى ظاهر من صحيحة معاوية المروية في كتاب المعاني ، فإن قوله «قلت طائره كطائر مكة» يعني في تحريم صيده ، وما يترتب عليه من تحريم أكله ، «قال : لا».
وبالجملة فالروايتان ظاهرتان في عدم تحريم الصيد ، وحمل الشيخ في هذا المقام جيد كما عرفت ، وأما خبر البقباق فالظاهر ان إجمال متنه يمنع من الاعتماد عليه استدلالا ، أو إيرادا أو نقضا ، فطرحه من البين قريب ، وأما قوله ثم الخبران الإتيان الى آخره إشارة إلى صحيحة عبد الله بن سنان ، ورواية الحسن الصيقل ، ففيه أن ما ذكره بالنسبة إلى رواية الفضيل الصيقل مسلم ، لما عرفت من الاختلاف في الروايتين ، لكن الطعن به انما يتم لو لم يعتمد على روايات التهذيب ، وليس كذلك ، وحينئذ فالاعتراض به لا محصل له ، وأما بالنسبة إلى صحيحة عبد الله بن سنان فإنه لا يخفى أن ما رواه في الفقيه لا ينافي رواية التهذيب كما توهمه ، بل مرجع الروايتين الى معنى واحد كما لا يخفى.