قاعدته المألوفة ، فإنه نقل الخبرين المذكورين بلفظ رواية فلان ولم يصفها بحسن ولا صحة ، مع أن الأولى كما عرفت حسنة والثانية صحيحة ، بل في أعلى مراتب الصحة ، والروايات الأولى كلها ضعيفة باصطلاحه ، ليس فيها إلا رواية الحلبي (١) التي هي عنده من قسم الحسن.
وحينئذ فالتعارض في الحقيقة بناء على قاعدته واصطلاحه وقع بين حسنة الحلبي وبين حسنة الكاهلي وصحيحة جعفر بن بشير ومقتضى قاعدته ترجيح الروايتين المذكورتين.
بقي الكلام في الإجماع ، وكلامه فيه كما تقدم مختبط كما في العمل بالروايات أيضا على ما عرفته في غير موضع مما تقدم.
ويظهر من المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد الميل الى العمل بخبري الكاهلي وجعفر بن بشير حيث طعن في روايات القول المشهور بالضعف ، وحمل حسنة الحلبي على الاستحباب ، وادعى التأييد بالأصل ، وعدم دليل صحيح صريح ، وأن الموجود في أكثر الأخبار وجوب الدم والبدنة من غير ذكر التصدق ، وقد مر في تلك الاخبار ما يدل على الأكل. انتهى.
أقول : ومن أخبار المسألة أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار (٢) عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : «سألته عن رجل أهدى هديا فانكسرت ، فقال : إن كانت مضمونة فعليه مكانها ، والمضمون ما كان نذرا أو جزاء أو يمينا ، وله أن يأكل منها ، فان لم تكن مضمونة فليس عليه شيء».
وهذا الخبر مما يؤيد خبر الكاهلي وجعفر بن بشير ، وقد تقدم في خبر
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ١٥.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٢.