قط ولم يزل منذ ولاه الله جهنم يزداد كل يوم غضبا وغيظا على أعداء الله وأهل معصيته ، فينتقم الله به منهم ، ولو ضحك الى أحد كان قبلك أو كان ضاحكا الى أحد بعدك لضحك إليك ولكنه لا يضحك ، فسلمت عليه فرد عليّ السلام وبشرنى بالجنة ، فقلت لجبرئيل ـ وجبرئيل بالمكان الذي وصفه الله (مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) : ـ الا تأمره [ان] يريني النار؟ فقال له جبرئيل : يا مالك أر محمدا النار ، فكشف عنها غطاء وفتح بابا منها فخرج منها لهب ساطع في السماء وفارت وارتفعت حتى ظننت لتناولنى مما رأيت ، فقلت : يا جبرئيل قل فليرد عليها غطائها فأمرها فقال : ارجعي فرجعت الى مكانها الذي خرجت منه. ثم مضيت فرأيت رجلا آدما (١) جسيما ، فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا أبوك آدم ، فاذا هو تعرض عليه ذريته فيقول : روح طيب وريح طيبة من جسد طيب ثم تلا رسول الله صلىاللهعليهوآله سورة المطففين على رأس سبع عشرة آية (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) الى آخرها (٢) قال ، فسلمت على أبي آدم وسلم عليّ واستغفرت له واستغفر لي ، فقال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح والمبعوث في الزمن الصالح.
ثم مررت بملك من الملائكة جالس على مجلس وإذا جميع الدنيا بين ركبتيه وإذا بيده لوح من نور ينظر فيه ، مكتوب فيه كتاب ينظر فيه لا يلتفت يمينا ولا شمالا كهيئة الحزين فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا ملك الموت دائبا (٣) في قبض الأرواح ، فقلت : يا جبرئيل أدنني منه حتى أكلمه ، فأدنانى منه فسلمت عليه وقال له جبرئيل : هذا نبي الرحمة الذي أرسله الله الى العباد ، فرحب بى وحيانى بالسلام ، فقال : أبشر يا محمد
__________________
(١) الآدم : الأسمر ، وهو الذي لونه بين السواد والبياض ويقال له بالفارسية «گندم گون».
(٢) قال المجلسي (ره) : لعل الاستشهاد بالاية مبني على ان المراد بعتاب الأبرار في الآية أرواحهم ، لأنها محل العلوم والمعارف ، ويحتمل أن يكون ذكر الآية للمناسبة اى كما ان أعمالهم نثبت في عليين فكذا أرواحهم تصعد إليها.
(٣) دأب في عمل : استمر عليه وجد.