عظيم حال ، له قصور ودور وفساطيط وخيام وعبيد وخدام ، ورب العالمين فوق هؤلاء كلهم فهم عبيده ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده ، بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان انما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا ، ما أنت يا محمد الا مسحور ولست بنبي.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هل بقي من كلامك شيء؟ قال : بلى لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجل من فيما بيننا ما لا وأحسنه حالا ، فهلا نزل هذا القرآن الذي تزعم ان الله أنزله عليك وابتعثك به رسولا على رجل من القريتين عظيم : اما الوليد ابن المغيرة بمكة ، واما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هل بقي من كلامك شيء يا عبد الله؟ فقال : بلى (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) بمكة هذه ، فانها ذات أحجار وعرة وجبال تكسح أرضها (١) وتحفرها ، وتجري منها العيون ، فاننا الى ذلك محتاجون أو يكون لك جنة من نخيل وعنب ، فتأكل منها وتطعمنا ، «فتفجر الأنهار خلال» تلك النخيل والأعناب (تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) فانك قلت لنا : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) فلعلنا نقول ذلك (٢) ثم قال : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) تأتى به وبهم وهم لنا مقابلون ، (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) تعطينا منه وتعيننا به فلعلنا نطغى ، فانك قلت : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) ثم قال : (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) اى تصعد في السماء (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) اى لصعودك (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) من الله العزيز الحكيم الى عبد الله بن امية المخزومي ومن معه ، بأن آمنوا بمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب فانه رسولي فصدقوه في مقاله ، فانه من عندي ثم لا أدري يا محمد إذا فعلت هذا كله أومن بك أو لا نؤمن بك ، بل لو رفعتنا الى السماء وفتحت أبوابها
__________________
(١) الوعر : المكان الصلب ضد السهل. وتكسح أرضها اى تكنسها عن تلك الأحجار.
(٢) قال المجلسي (ره) قوله : «فلعلنا نقول ذلك» لعل الأظهر : فلعلنا لا نقول ذلك ، ويحتمل ان يكون المعنى : افعل ذلك لعلنا نقول ذلك فيكون مصدقا لقولك وحجة علينا ، وكذلك الكلام في قوله : «فلعلنا نطغى».