منى ، فدنا منه فقال : أخبرنى قال : نعم أيها الملك انى وجدت في كتاب آدم الذي كتب يوم سمى له ما في الأرض من عين أو شجر ، فوجدت فيه ان لله عينا تدعى عين الحيوة فيها من الله عزيمة انه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذي يسئل الله الموت ، بظلمة لم يطأها انس ولا جان ففرح ذو القرنين وقال : ادن منى يا ايها الغلام تدري أين موضعها؟ قال : نعم ، وجدت في كتاب آدم انها على قرن الشمس يعنى مطلعها.
ففرح ذو القرنين وبعث الى أهل مملكته فجمع أشرافهم وفقهاءهم وعلماءهم وأهل الحكم منهم ، فاجتمع اليه ألف حكيم وعالم وفقيه فلما اجتمعوا اليه تهيأ للسير وتأهب له بأعد العدة وأقوى القوة ، فسار بهم يريد مطلع الشمس يخوض البحار ويقطع الجبال والفيافي (١) والأرضين والمفاوز فسار اثنى عشر سنة حتى انتهى الى طرف الظلمة ، فاذا هي ليست بظلمة الليل ولا دخان ولكنها هواء يفور فسد ما بين الأفقين فنزل بطرفها وعسكر عليها وجمع علماء أهل عسكره وفقهائهم وأهل الفضل منهم ، فقال : يا معشر الفقهاء والعلماء انى أريد أن أسلك هذه الظلمة فخروا له سجدا وقالوا : يا ايها الملك انك لتطلب امرا ما طلبه ولا سلكه أحد كان قبلك من النبيين والمرسلين ، ولا من الملوك؟ قال : انه لا بد لي من طلبها ، قالوا : ايها الملك انا لنعلم انك إذا سلكتها ظفرت بحاجتك منها بغير عنت عليك لأمرنا ولكنا نخاف أن يعلق بك منها أمر يكون فيه هلاك ملكك وزوال سلطانك وفساد من في الأرض ، فقال : لا بد من أن أسلكها ، فخروا سجدا وقالوا : انا نتبرأ إليك مما يريد ذو القرنين.
فقال ذو القرنين : يا معشر العلماء أخبرونى بأبصر الدواب؟ قالوا : الخيل الإناث البكارة أبصر الدواب ، فانتخب من عسكره فأصاب ستة آلاف فرس إناثا أبكارا ، وانتخب من أهل العلم والفضل والحكمة ستة آلاف رجل فدفع الى كل رجل وعقد لأفسحر وهو الخضر على ألف فرس ، فجعلهم على مقدمته وأمرهم أن يدخلوا الظلمة ، وسار ذو القرنين في أربعة آلاف وأمر أهل عسكره أن يلزموا معسكره اثنى عشر سنة ، فان
__________________
(١) خاض الماء : دخله. والفيافي كصحارى لفظا ومعنى.