المثل : لا جرم انى لا أطلب أثرا في البلاد بعد مسلكي هذا ، ثم انصرف راجعا في الظلمة ، فبيناهم كذلك يسيرون إذ سمعوا خشخشة تحت سنابك (١) خيلهم فقالوا : ايها الملك ما هذا؟ فقال : خذوا منه ، فمن أخذ منه ندم ومن تركه ندم ، فأخذ بعض وترك بعض ، فلما خرجوا من الظلمة إذا هم بالزبرجد ، فندم الآخذ والتارك ، ورجع ذو القرنين الى دومة الجندل (٢) وكان بها منزله فلم يزل بها حتى قبضه الله.
قال : وكان صلىاللهعليهوآله إذا حدث بهذا الحديث قال : رحم الله أخى ذا القرنين ما كان مخطئا إذ سلك ما سلك وطلب ما طلب ، ولو ظفر بوادي الزبرجد في مذهبه لما ترك فيه سنة الزهاد الا أخرجه للناس ، لأنه كان راغبا ولكنه ظفر به بعد ما رجع فقد زهد.
٢١٦ ـ جبرئيل بن أحمد عن موسى بن جعفر رفعه الى أبي عبد الله عليهالسلام قال : ان ذا القرنين عمل صندوقا من قوارير ثم حمل في مسيره ما شاء الله ، ثم ركب البحر فلما انتهى الى موضع منه ، قال لأصحابه : دلوني فاذا حركت الحبل فأخرجونى فان لم أحرك الحبل فأرسلونى الى آخره ، فأرسلوا الحبل مسيرة أربعين يوما ، فاذا ضارب يضرب خشب الصندوق ويقول : يا ذا القرنين أين تريد؟ قال : أريد ان أنظر الى ملكوت ربي في البحر كما رأيته في البر ، فقال : يا ذا القرنين ان هذا الموضع الذي أنت فيه مر فيه نوح زمان الطوفان ، فسقط منه قدوم (٣) فهو يهوى في قعر البحر الى الساعة لم يبلغ قعره ، فلما سمع ذو القرنين ذلك حرك الحبل وخرج.
٢١٧ ـ عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن الزلزلة؟ فقال : أخبرنى أبي عن أبيه عن آبائه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ان ذا القرنين
__________________
(١) السنابك جمع السنبك ـ بالضم ـ طرف الحافر.
(٢) دومة الجندل : موضع على سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول (ص) يقرب من تبوك ، وهي أحد حدود فدك ، قيل : سميت بدوم بن إسماعيل ، وسميت دومة الجندل لان حصنها مبني بالجندل.
(٣) القدوم : آلة للنحت والنجر.