ـ عنى يا إدريس فلن تسبقني بنفسك (١) ثم أرسل الى امرأته فأخبرها بما جاء به إدريس فقالت : لا يهولنك رسالة اله إدريس انا أكفيك أمر إدريس ، انا أرسل اليه من يقتله فتبطل رسالة إلهه وكلما جاء به ، قال : فافعلي قال : وكان لإدريس أصحاب من الروافض مؤمنون يجتمعون اليه في مجلس له فيأنسون به ويأنس بهم ، فأخبرهم إدريس بما كان من وحي الله عزوجل اليه ورسالته الى الجبار وما كان من تبليغه رسالة الله عزوجل الى الجبار ، فأشفقوا على إدريس وأصحابه وخافوا عليه القتل وبعثت امرأة الجبار اليه أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوه. فأتوه في مجلسه الذي كان يجتمع اليه فيه أصحابه فلم يجدوه ، فانصرفوا وقد رآهم أصحاب إدريس فحسبوا أنهم أتوا إدريس ليقتلوه فتفرقوا في طلبه فلقوه فقالوا له : خذ حذرك يا إدريس فان الجبار قاتلك ، قد بعث اليوم أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوك فاخرج من هذه القرية.
فتنحى إدريس عن القرية من يومه ذلك ، ومعه نفر من أصحابه ، فلما كان في السحر ناجى إدريس ربه فقال : يا رب بعثتني الى جبار فبلغت رسالتك وقد توعدني هذا الجبار بالقتل بل هو قاتلي ان ظفر بى؟ فأوحى الله عزوجل اليه : أن تنح عنه واخرج من قريته ، وخلنى وإياه فو عزتي لأنفذن فيه أمرى ، ولأصدقن قولك فيه ، وما أرسلتك به اليه ، فقال إدريس : يا رب ان لي حاجة ، قال الله عزوجل : سل تعطها.
قال : اسألك ان لا تمطر السماء على هذه القرية وما حولها وما حوت عليه حتى اسألك ذلك ، قال الله عزوجل : يا إدريس إذا تخرب القرية ويشتد جهد أهلها ويجوعون! قال إدريس : وان خربت وجهدوا وجاعوا؟ قال الله عزوجل : قد أعطيتك ما سألت ولن أمطر السماء عليهم حتى تسألنى ذلك ، وأنا أحق من وفى بوعده.
فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عنهم وبما أوحى الله اليه ووعده
__________________
(١) قال المجلسي (ره) : فلن تسبقني بنفسك هو تهديد بالقتل ، اى لا يمكنك الفرار بنفسك والتقدم بحيث لا يمكنني اللحوق بك لاهلاكها ، أو لا تغلبني في أمر نفسك بأن تتخلصها منى ويحتمل أن يكون المراد : لا تغلبني متفردا بنفسك من غير معاون فلم تتعرض لي.