حيوان في صورة رمكة (١) وكانت كلما وضعت حافرها (٢) على موضع من الأرض تحرك ذلك الموضع ، فنظر اليه السامري وكان من خيار أصحاب موسى ، فأخذ التراب من حافر رمكة جبرئيل ، وكان يتحرك فصره في صرة وكان عنده يفتخر به على بنى إسرائيل ، فلما جاء هم إبليس واتخذوا العجل قال للسامري : هات التراب الذي معك ، فجاء به السامري فألقاه في جوف العجل ، فلما وقع التراب في جوفه تحرك وخار ونبت عليه الوبر والشعر ، فسجد له بنو إسرائيل ، وكان عدد الذين سجدوا له سبعين ألفا من بنى إسرائيل ، فقال لهم هارون كما حكى الله : (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) فهموا بهارون فهرب منهم وبقوا في ذلك حتى تم ميقات موسى أربعين ليلة ، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله علم الألواح فيها التوراة وما يحتاج اليه من أحكام السير والقصص.
فأوحى الله الى موسى : (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) وعبدوا العجل وله خوار فقال عليهالسلام : يا رب العجل من السامري فالخوار ممن؟ فقال : منى يا موسى ، انى لما رأيتهم قد ولوا عنى الى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة ، فرجع موسى ـ كما حكى الله ـ (إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ : يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي) ثم رمى بالالواح وأخذ بلحية أخيه ورأسه يجره اليه ، فقال : (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) فقال هارون كما حكى الله : (يَا بْنَ أُمَّ لا َأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) فقال له بنو إسرائيل : ما أخلفنا موعدك بملكنا قال : ما خالفناك ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم يعنى من حليهم فقذفناها قال : التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه ثم اخرج السامري العجل وله
__________________
(١) الرمكة : الفرس تتخذ للنسل.
(٢) الحافر للدابة بمنزلة القدم للإنسان.