في النار برز نمرود وجنوده وقد كان بنى لنمرود بناء ينظر منه الى إبراهيم عليهالسلام كيف تأخذه النار ، فجاء إبليس واتخذ لهم المنجنيق لأنه لم يقدر أحد أن يتقارب من النار ، وكان الطائر إذا مر في الهواء يحترق ، فوضع إبراهيم في المنجنيق وجاء أبوه فلطمه لطمة وقال له : ارجع عما أنت عليه ، وأنزل الرب تبارك وتعالى ملئكة الى السماء الدنيا ولم يبق شيء الا طلب الى ربه ، وقالت الأرض : يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق؟ وقال الملائكة : يا رب خليلك إبراهيم يحرق؟ فقال الله عزوجل : انه ان دعاني كفيته ، وقال جبرئيل : يا رب خليلك إبراهيم ليس في الأرض أحد يعبدك غيره سلطت عليه عدوه يحرقه بالنار؟ فقال : اسكت انما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت ، هو عبدي آخذه إذا شئت ، فان دعاني أجبته فدعا إبراهيم عليهالسلام ربه بسورة الإخلاص : يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد نجني من النار برحمتك ، قال : فالتقى معه جبرئيل في الهواء وقد وضع في المنجنيق ، فقال : يا إبراهيم هل لك الى من حاجة؟ فقال إبراهيم عليهالسلام : اما إليك فلا ، واما الى رب العالمين فنعم ، فدفع اليه خاتما عليه مكتوب لا اله الا الله محمد رسول الله ألجأت ظهري الى الله ، وأسندت أمرى الى الله ، وفوضت أمري الى الله ، فأوحى الله عزوجل الى النار : كوني بردا فاضطربت أسنان إبراهيم من البرد حتى قال : وسلاما على إبراهيم وانحط جبرئيل عليهالسلام وجلس معه يحدثه في النار ونظر نمرود فقال : من اتخذ إلها فليتخذ مثل اله إبراهيم ، فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود : انى عزمت على النار ان لا تحرقه ، فخرج عمود من النار نحو الرجل فأحرقه فآمن له لوط ، فخرج مهاجرا الى الشام ، ونظر نمرود الى إبراهيم عليهالسلام في روضة خضراء في النار مع شيخ يحدثه فقال لآزر : يا آزر ما أكرم ابنك على ربه قال : وكان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم ، وكان الضفدع (١) يذهب بالماء ليطفئ به النار ، قال : ولما قال الله عزوجل للنار (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً) ، لم تعمل
__________________
(١) الضفدع : دابة مائية دقيقة العظام وهي كثيرة الأنواع وبالفارسية «غوك».