كان يعيبها ويبرأ منها ، فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار ، فجمع له الحطب واستجادوه حتى إذا كان اليوم الذي يحرق فيه برز له نمرود وجنوده وقد بنى له بناء لينظر اليه كيف تأخذه النار. ووضع إبراهيم عليهالسلام في منجنيق وقالت الأرض : يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره يحرق بالنار؟ قال الرب : ان دعاني كفيته.
فذكر أبان عن محمد بن مروان عمن رواه عن أبي جعفر عليهالسلام أن دعاء إبراهيم صلى الله عليه يومئذ كان : يا أحد يا أحد يا صمد يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ثم قال : توكلت على الله ، فقال الرب تبارك وتعالى : كفيت ، فقال للنار : (كُونِي بَرْداً) قال : فاضطربت أسنان إبراهيم صلى الله عليه من البرد حتى قال الله عزوجل : (وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) وانحط جبرئيل عليهالسلام فاذا هو جالس مع إبراهيم يحدثه في النار ، قال نمرود : من اتخذ إلها فليتخذ مثل اله إبراهيم ، قال : فقال عظيم من عظمائهم : انى عزمت على النار ان لا تحرقه ، فأخذ عنق من النار نحوه حتى أحرقه ، قال : فآمن له لوط فخرج مهاجرا الى الشام هو وسارة ولوط.
١٠٣ ـ على بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن ابى زياد الكرخي قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : ان إبراهيم صلى الله عليه لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود ، فأوثق وعمل له حيرا (١) وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار ، ثم قذف إبراهيم صلى الله عليه في النار لتحرقه ، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار ، ثم أشرفوا على الحير فاذا هم بإبراهيم عليهالسلام سليما مطلقا من وثاقه ، فأخبر نمرود خبره فأمر أن ينفوا إبراهيم من بلاده وان يمنعوه من الخروج بماشيته وماله ، فحاجهم إبراهيم عند ذلك ، فقال : ان أخذتم ماشيتي ومالي فحقى عليكم أن تردوا على ما ذهب من عمرى في بلادكم ، واختصموا الى قاضى نمرود وقضى على إبراهيم ان يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم ، وقضى على أصحاب نمرود ان يردوا على إبراهيم صلى الله عليه ما ذهب من عمره في بلادهم ، فأخبر بذلك نمرود فأمر هم ان يخلوا سبيله و
__________________
(١) الحير : شبه الحظيرة.