فهو وصيك من بعدك ، فجمع داود عليهالسلام ولده فلما ان قص الخصمان قال سليمان عليهالسلام : يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك؟ قال : دخلته ليلا ، قال : قد قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا ، ثم قال له داود : فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بنى إسرائيل فكان ثمن الكرم قيمة الغنم؟ فقال سليمان : ان الكرم لم تجتث من أصله وانما أكل حمله (١) وهو عائد في قابل ، فأوحى الله عزوجل الى داود : ان القضاء في هذه القضية ما قضى سليمان به. يا داود أردت امرا وأردنا امرا غيره ، فدخل داود على امرأته فقال : أردنا أمرا وأراد الله أمرا غيره ، ولم يكن الا ما أراد الله عزوجل ، فقد رضينا بأمر الله عزوجل وسلمنا ، وكذلك الأوصياء ليس لهم ان يتعدوا بهذا الأمر فيجاوزن صاحبه الى غيره.
١١٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبي عن عبد الله بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان في بنى إسرائيل رجل وكان له كرم ونفشت فيه الغنم بالليل وقضمته (٢) وأفسدته ، فجاء صاحب الكرم الى داود فاستعدى على صاحب الغنم. فقال داود عليهالسلام : اذهبا الى سليمان عليهالسلام ليحكم بينكما ، فذهبا اليه فقال سليمان عليهالسلام : ان كان الغنم أكلت الأصل والفرع فعلى صاحب الغنم ان يدفع الى صاحب الكرم الغنم وما في بطنها ، وان كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالأصل فانه يدفع ولدها الى صاحب الكرم ، وكان هذا حكم داود ، وانما أراد ان يعرف بنى إسرائيل ان سليمان وصيه بعده ولم يختلفا في الحكم ، ولو اختلف حكمهما لقال : كنا لحكمهما شاهدين.
١١٥ ـ في من لا يحضره الفقيه روى جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) قال لم يحكما انما كانا يتناظران ففهمها سليمان.
١١٦ ـ وروى الوشاء عن احمد بن عمر الحلبي قال : سألت أبا الحسن
__________________
(١) الجث : انتزاع لشجرة من أصله والحمل ـ بالكسر ـ ما يحمله الشجر من الثمرة.
(٢) اى أكلته.