يقول : استخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم من بعده حتى يبعث النبي الذي يليه يعبدونني لا يشركون بى شيئا يقول : يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمد صلىاللهعليهوآله فمن قال غير ذلك فأولئك هم الفاسقون فقد مكن ولاة الأمر بعد محمد بالعلم ونحن هم ، فاسألونا فان صدقناكم فأقروا وما أنتم بفاعلين ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٢١٩ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سدير الصيرفي عن أبى عبد الله عليهالسلام حديث طويل وفيه يقول عليهالسلام : واما إبطاء نوح عليهالسلام : فانه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء بعث الله تبارك وتعالى جبرئيل روح الأمين معه سبع نوايات فقال : يا نبي الله ان الله تبارك وتعالى يقول لك : ان هؤلاء خلائقي وعبادي لست أبيدهم (١) بصاعقة من صواعقي الا بعد تأكيد الوعدة والزام الحجة ؛ فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك ، فانى مثيبك عليه واغرس هذا النوى فان لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت ، الفرح والخلاص فبشر بذلك من اتبعك من المؤمنين ، فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وزهى الثمر (٢) على ما كان بعد زمان طويل استنجز من الله العدة ، فأمر الله تبارك وتعالى أن يغرس نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكد الحجة على قومه ، فأمر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاثمأة رجل ، وقالوا : لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف ، ثم ان الله تبارك وتعالى لم ـ يزل يأمره عند كل مرة بان يغرسها مرة بعد اخرى الى أن غرسها سبع مرات ، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة بعد طائفة الى أن عاد الى نيف وسبعين رجلا ، فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك اليه وقال : يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل بعينك! عن صرح الحق محضه ، وصفا الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة فلو انى أهلكت
__________________
(١) أباده : أهلكه.
(٢) المؤازرة : أن يقوى الزرع بعضه بعضا فيلتف ، والتأزير : التغطية والتقوية. وتسوقت : اى قوى ساقها وتغصفت اى كثرت وقويت أغصانها وزهو الثمرة : احمرارها واصفرارها.