مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ* فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) وذلك من الله عزوجل تقدمة منه الى الملائكة في آدم من قبل أن يخلقه احتجاجا منه عليهم ، قال : فاغترف تبارك وتعالى غرفة من الماء العذب الفرات وصلصلها (١) فجمدت ، ثم قال لها : منك أخلق النبيين والمرسلين وعبادي الصالحين والائمة المهتدين الدعاة الى الجنة وأتباعهم الى يوم القيمة ، ولا أبالى ولا اسئل عما أفعل وهم يسئلون ، يعنى بذلك خلقه انه يسألهم ، ثم اغترف من الماء المالح الأجاج فصلصلها فجمدت ، ثم قال لها : منك أخلق الجبارين والفراعنة والعتاة واخوان الشياطين ، والدعاة الى النار الى يوم القيامة وأتباعهم ، ولا أبالي ولا اسئل عما أفعل وهم يسألون ، قال : وشرط في ذلك البداء ولم يشرط في أصحاب اليمين البداء ، ثم خلط المائين فصلصلهما ثم ألقاهما قدام عرشه ، وهما ثلة من طين (٢) ثم أمر الملائكة الاربعة الشمال والدبور والصبا والجنوب أن جولوا على هذه الثلة الطين وأبروها (٣) وانسموها ، ثم جزوها وفصلوها واجروا الطبائع الاربعة الريح والمرة (٤) والدم والبلغم ، قال : فجاءت الملائكة عليها وهي الشمال والصبا والجنوب والدبور فأجروا فيها الطبائع الاربعة ، قال : والريح في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الشمال ، قال : والبلغم في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الصبا ، قال : والمرة في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الدبور ، قال : والدم في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الشمال ، قال : والبلغم في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الصبا ، قال : والمرة في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الدبور ، قال : والدم في الطبائع الاربعة في البدن من ناحية الجنوب ، قال : فاستقلت النسمة وكمل البدن ، قال : فلزمه من ناحية الريح حب الحيوة وطول الأمل والحرص ، ولزمه من ناحية البلغم حب الطعام
__________________
(١) الصلصال : الطين اليابس الذي لم يطبخ إذا نقربه صوت كما يصوت الفخار. وصلصل الشيء : صوت.
(٢) وفي تفسير القمى : «سلالة» بدل «ثلة». وكذا فيما يأتى.
(٣) قال المجلسي (ره) قوله : «فأبروها» يمكن أن يكون مهموزا من برأه الله اى خلقه وجاء غير المهموز أيضا بهذا المعنى ، فيكون مجازا اى اجعلوها مستعدة للخلق ، ويمكن أن يكون من البري بمعنى النحت. كناية عن التفريق أو من التأبير من قولهم أبر النخل اى أصلحه.
(٤) قال زميلنا الفاضل دامت إفاضاته في ذيل الحديث في العلل : قوله الريح والمرة الظاهران المراد بالريح هنا السوداء وبالمرة : الصفراء.