أحد أوعية العلم ، ومن أهل الدين والفضل ، سمع بأصبهان أبا بكر بن المقرئ ، وإبراهيم بن عبد الله بن خرشيد قوله ، وعلي بن محمّد بن أحمد بن ميلة ، وغيرهم. وسمع ببغداد أبا طاهر المخلص ، وبمكة أبا الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس وكان ثقة.
صحب القاضي أبا بكر الأشعري ودرس عليه أصول الديانات ، وأصول الفقه ، ودرس فقه الشّافعيّ على أبي حامد الأسفراييني ، وقرأ القرآن بعدة روايات ، وولى قضاء إيذج (١) وحدث ببغداد فسمعنا منه ، وله كتب مصنفة ، وكان من أحسن الناس تلاوة للقرآن ، ومن أوجز الناس عبارة في المناظرة ، مع تدين جميل ، وعبادة كثيرة ، وورع بين ، وتقشف ظاهر ، وخلق حسن.
وسمعته يقول حفظت القرآن ولي خمس سنين ، وأحضرت عند أبي بكر بن المقرئ ، ولي أربع سنين ، فأرادوا أن يسمعوا لي فيما حضرت قراءته ، فقال بعضهم إنه يصغر عن السماع ، فقال لي ابن المقرئ : اقرأ سورة الكافرين فقرأتها ، فقال اقرأ سورة التكوير فقرأتها ، فقال لي غيره اقرأ سورة والمرسلات فقرأتها ولم أغلط فيها ، فقال ابن المقرئ : سمعوا له والعهدة على ، ثم قال : سمعت أبا صالح صاحب أبي مسعود يقول : سمعت أبا مسعود أحمد بن الفرات يقول : أتعجب من إنسان يقرأ سورة المرسلات عن ظهر قلبه ولا يغلط فيها!! وحكى أن أبا مسعود ورد أصبهان ، ولم يكن كتبه معه ، فأملى كذا كذا ألف حديث عن ظهر قلبه ، فلما وصلت الكتب إليه قوبلت بما أملى فلم يختلف إلا في مواضع يسيرة.
أدرك ابن اللّبّان شهر رمضان من سنة سبع وعشرين وأربعمائة وهو ببغداد ، وكان يسكن درب الآجر من نهر طابق ، فصلى بالناس صلاة التراويح في جميع الشهر ، وكان إذا فرغ من صلاته بالناس في كل ليلة ، لا يزال قائما في المسجد يصلي حتى
__________________
٥٢٩٠ انظر : طبقات السبكي ٣ / ٢٠٧. وتبيين كذب المفتري ٢٦١. والأعلام ٤ / ١٢١.
(١) في الأصل والمطبوعة : «أنزج» تصحيف.