ثلاثا ، وترحل الساعة؟ قال : أجمت المنزل (١) ، فرحل ورحل الناس ، وقربت له ناقة ليركب وجاءوه بمجمر يتبخر ، فقمت بين يديه فقال : ما عندك؟ فقلت : رحل الناس فأخذ فحمة من المجمر فبلها بريقه ، وقام إلى الحائط فجعل يكتب على الحائط بريقه حتى كتب أربعة أسطر ، ثم قال : اركب يا ربيع ، فكان في نفسي هم لا أعلم ما كتب ثم حججنا فكان من أمر وفاته ما كان ، ثم رجعت من مكة فبسط لي في الموضع الذي بسط له فيه بالقادسية ، فدخلت وفي نفسي أن أعلم ما كتب على الحائط ، فإذا هو قد كتب على الحائط :
المرء يأمل أن يعيش |
|
وطول عمر قد يضره |
تبلى بشاشته ويبقى |
|
بعد حلو العيش مره |
وتخونه الأيام حتى |
|
لا يرى شيئا يسره |
كم شامت بي إن هلكت |
|
وقائل لله دره |
أخبرنا ابن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن البراء قال : ومات أبو جعفر ببئر ميمون من مكة وهو محرم ، فدفن مكشوف الوجه ، لست خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة ، ونقش خاتمه ، الله ثقة عبد الله وبه يؤمن ، وكان عمره ثلاثا وستين سنة ، وخلافته إحدى وعشرون سنة ، وأحد عشر شهرا ، وثمانية أيام.
من أهل مدينة رسول الله صلىاللهعليهوسلم. ولاه هارون الرّشيد قضاء المدينة ، ومكة ، ثم عزله فقدم بغداد ، وأقام في ناحية الرّشيد ، وسافر معه إلى الري فمات بها.
أخبرنا الأزهري ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم. وأخبرنا علي بن أبي علي ، أخبرنا محمّد بن عبد الرّحمن المخلص ، وأحمد بن عبد الله الدّوريّ قالوا : حدّثنا أحمد بن سليمان الطّوسيّ ، حدّثنا الزّبير بن بكّار قال : عبد الله بن محمّد بن عمران بن إبراهيم ابن محمّد بن طلحة ، ولاه أمير المؤمنين الرّشيد قضاء المدينة ، ثم صرفه عن القضاء وولاه مكة ، ثم صرفه عن مكة ورده إلى قضاء المدينة ، ثم صرفه عن قضاء المدينة
__________________
(١) يعنى كرهته ومللته.
(٢) ٥١٨٠ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٠ / ٦١.