الحرّانيّ وغيره وعاد إلى العراق ثم خرج منها إلى بلاد خراسان ، وما وراء النهر. فكتب عن محدثيها ، وجمع أحاديث المشايخ والأبواب ، وكان متقنا حافظا ، مع ورع وتدين وزهد وتصون ، حدّثنا عنه علي بن محمّد المقرئ الحذّاء ، وأبو عبد الله أحمد ابن محمّد الكاتب ، والقاضي أبو العلاء الواسطيّ.
وسمعت أبا العلاء ذكره يوما فرفع من قدره ، وأطنب في وصفه ، وقال : كان الدّارقطنيّ والشيوخ يعظمونه.
وحكى لنا أبو العلاء أن أبا الحسين البيضاوي حضر عند أبي مسلم يوما وفي رجل البيضاوي نعل ليست بالجيدة قد أخلقت ، فوضع أبو مسلم مكانها نعلا جديدا وأخذها وذلك بغير علم من البيضاوي ، فلما قام لينصرف من طلب نعله فلم يجدها ، ورأى النعل الجديدة مكانها فبقى متحيرا ، وسأل عن نعله فقال له أبو مسلم : هذه نعلك يا أبا الحسن ـ يعني الجديدة ـ وأمره بلبسها أو كما قال.
حدّثني علي بن محمود الزوزني عن أبي عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السلمي قال : سمعت جدي أبا عمرو بن نجيد يقول : ما دخل خراسان أحد فبقى على بكارته لم يتدنس بشيء من الدّنيا إلا أبو مسلم البغداديّ.
قلت : أقام أبو مسلم ببغداد بعد عوده من خراسان سنين كثيرة يحدث ثم خرج في آخر عمره إلى الحجاز ، فأقام بمكة مجاورا لبيت الله الحرام إلى أن توفي هناك. فحدّثني القاضي أبو العلاء الواسطيّ أنه توفي بمكة في النصف من ذي القعدة سنة خمس وسبعين وثلاثمائة ، قال : ودفن بالبطحاء بالقرب من فضيل بن عياض.
وقال محمّد بن أبي الفوارس : كان أبو مسلم بن مهران قد صنف المسند ، وشعبة ، ومالكا ، وأشياء كثيرة ، وكان ثقة ثبتا ، ما رأينا مثله.
حدث عن إبراهيم بن عبد الصّمد. حدّثنا عنه بشرى بن عبد الله.
أخبرنا بشرى ، أنبأنا أبو بكر عبد الرّحمن بن عبد الله بن عبد الصّمد بن المهتدي بالله ، حدّثنا إبراهيم بن موسى من ولد إبراهيم الإمام بن محمّد بن علي بن عبد الله ابن العبّاس ، حدّثني عبد الصّمد بن موسى عن عبد الصّمد بن علي عن أبيه عن جده