قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

المحكم في أصول الفقه [ ج ٣ ]

المحكم في أصول الفقه [ ج ٣ ]

125/330
*

وعليه ينبغي أن يكون الغرض الأصلي من الاستدلال على الامتناع نفي الوقوع ، وإبطال أدلته ، لا نفي الإمكان ، والغرض من إبطال دليل الامتناع رفع المنافي لأدلة الوقوع ، ليتسنى إثباته بها ، لا إثبات الإمكان. فلاحظ.

وكيف كان ، فقد نسب لابن قبة دعوى امتناع التعبد بخبر الواحد عقلا ، ودليله لو تم جار في مطلق الامارة غير العملية ، بل في مطلق التعبد بغير العلم ولو كان مفاد الأصل. إذ عمدة دليله ـ على ما قرره شيخنا الأعظم قدّس سرّه وحكي عن القوانين ـ أنه يلزم منه تحليل الحرام وتحريم الحلال ، إذ لا يؤمن أن يكون ما أخبر بحليته حراما وبالعكس.

هذا ، والمحتمل بدوا رجوع الوجه المذكور إلى أحد محاذير ثلاثة ..

الأول : أن تحليل الحرام وتحريم الحلال مستلزم لتفويت ملاكهما وتضييعه ، وهو قبيح ، بل هو مستلزم لنقض الغرض ، لفرض تعلق الغرض بمقتضى الحكم الواقعي ، فجعل الطريق الموصل لما يخالفه مانع من الجري عليه وموجب لنقض الغرض المذكور.

ومنه يظهر أن لزوم المحذور المذكور لا يتوقف على القول بتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد في المتعلقات ، لامتناع نقض الغرض مطلقا.

الثاني : أنه مستلزم لاجتماع الحكمين المتضادين أو المتناقضين ، وهو محال.

الثالث : أنه مستلزم للتشريع القبيح ، لما يستلزمه التعبد المذكور من إدخال ما ليس من الدين في الدين ، ونسبته ما لم يصدر من الشارع الأقدس له.

هذا ، ولم أعثر على من حمله على الوجه الثالث أو احتمله فيه ، إلا أن ما سبق عنه لا يأباه.

وأما ما يظهر من شيخنا الأعظم قدّس سرّه ـ بل صرح به بعض الأعاظم قدّس سرّه ـ من حمله على خصوص الأول ، فلا وجه له. بل لا يناسبه ما ذكره من لزوم تحريم