ومثله في الإشكال ما ذكره قدّس سرّه من أن التجري لو صادف المعصية الواقعية تداخل عقابهما.
لظهوره في أن مصادفة المعصية الواقعية بنفسها موجبة للعقاب مع قطع النظر عن القصد ، وقد عرفت بطلانه. مع أنه لو تمّ فلا وجه للتداخل ، إلا الضرورة على أن المعصية الواقعية ليس لها إلا عقاب واحد ، وهي تكشف عن وحدة منشأ العقاب ، وهو التجري بقصد المعصية لا غير. فتأمل جيدا.
وينبغي التنبيه على أمور ..
التنبيه الأول : في القبح الفاعلي
تردد في كلام غير واحد أن القبح الفاعلي بنفسه لا يوجب استحقاق العقاب. وقد أشرنا قريبا إلى أنّ الكلية المذكورة لا تشمل التجري لو فرض عدم اشتماله على القبح الفعلي ، وإن كان الظاهر اشتماله عليه.
وينبغي التعرض لصور القبح الفاعلي ، فنقول : المكلف الذي تضعف نفسه عن تجنب المعصية لو ابتلي بها له حالات مترتبة من حيثية الحسن والقبح ..
الاولى : أن يتخيل من نفسه أو يحتمل بسبب عدم ابتلائه بالمعصية أنه يرتدع عنها لو ابتلي بها. فيتحقق منه العزم على ذلك.
الثانية : ألا يكون له عزم على تجنب المعصية بسب غفلته عنها.
الثالثة : أن يكون ملتفتا إليها راغبا في تركها إلا أنه لا عزم له عليه قبل الوقت لاعتقاده ضعف نفسه عن الوقوف أمام المغريات.
الرابعة : أن يلتفت إليها ولا يعزم على فعلها ولا على تركها تسامحا فيها.
الخامسة : أن يكون ملتفتا إليها وراغبا فيها ، إلا أنه بسبب تعذرها عليه لا يتحقق منه العزم عليها ، وإن كان في نفسه أنه لو قدر لفعل.