السادسة : أن يعزم على المعصية ، ولا يسعى نحوها لعدم حضور وقتها المناسب بنظره.
السابعة : أن يسعى لها بفعل بعض المقدمات وإن لم يصل إليها لمانع منها.
الثامنة : أن يباشر فعل ما يعتقد أنه معصية ، فيصيب المعصية الحقيقية ، أو يخطئ فيتحقق منه التجري فقط.
لا إشكال في عدم استحقاق العقاب ولا الذم في الصور الثلاث الاول ، ولذا لا ينبغي عدها موضوعا للقبح ، إذ القبح عبارة عما ينتزع من مقام الذم ويقتضي الردع ، ومجرد ضعف النفس واقعا عن الوقوف أمام المغريات لا يقتضي ذلك ، وإن كان هو منافيا لكمالها.
بل لما كان العزم على تجنب المعصية في الصورة الاولى مفروض التحقق يستحق به المدح عقلا كانت موضوعا للحسن.
بل لعلها موضوع التفضل بالثواب ، كما قد يشهد به حديث أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : «إن العبد المؤمن الفقير ليقول : يا رب ارزقني حتى أفعل كذا وكذا من البر ووجوه الخير ، فإذا علم الله عزّ وجل ذلك منه بصدق نية كتب له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله. إن الله واسع كريم» (١) ، فإن الظاهر من صدق النية ليس هو مطابقتها للواقع ، بل خلوصها وعدم كونها بدوية يقصد بها استجلاب الرزق لا غير. فلاحظ.
كما أنه لا ريب في كون الصور الخمس الباقية موضوعا للقبح ، وإن كان يختلف فيها شدة وضعفا حسب ترتبها ، لمنافاتها جميعا لما يحكم به العقل من لزوم الخضوع للمولى الأعظم والفناء فيه ، والانقياد لتكاليفه.
بل عرفت أن الصورة الثامنة موضوع لاستحقاق العقاب مطلقا ولو مع الخطأ.
__________________
(١) الوسائل ج ١ : ٣٥ باب ٦ : من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١.