الوساوس التي لا ينبغي الركون اليها والاعتماد عليها. والله سبحانه وتعالى ولي العصمة والسداد.
وأما سيرة المتشرعة فهي لا تخلو عن غموض ، فان دعوى استنكارهم أخذ معالم الدين من غير العادل وإن لم تكن بعيدة ، إلا أنه لا يبعد كون منشئها عدم الوثوق به بنحو يغافل عن فرض الوثوق بخبره لتحرزه عن الكذب أو لقرائن خارجية ، فلا مجال لجعل سيرتهم من أدلة المنع في المقام ، فضلا عن أن تنهض بمعارضة سيرة العلماء المشار إليها.
هذا ، وأما سيرة العقلاء ، فهي عمدة أدلة الباب في تحديد ما هو الحجة من أقسام الخبر ، لأنها تابعة للمرتكزات الوجدانية ، ولسيرتهم الخارجية الظاهرة ، ولا ريب في عدم أخذ العدالة في موضوعها ، بل يكفي فيه الوثوق بالمخبر. بل الظاهر أنها أعم من ذلك أيضا ، فهم يعملون بخبر غير الثقة في نفسه إذا احتف بما يوجب الوثوق بصدوره من القرائن الخارجية ، فإن القرائن المذكورة وإن لم تكن حجة في نفسها ، إلّا أنها توجب حجية الخبر ودخوله في موضوع السيرة ، بحيث لا يكون العمل به تفريطا عند العقلاء.
ومن ثمّ أشرنا في آية النبأ إلى أن التبين الرافع للندم عرفا ليس خصوص ما يوجب العلم. والظاهر أن سيرة الاصحاب التي تقدمت الإشارة إليها مبنية على سيرة العقلاء المذكورة ومتفرعة عليها ، فهي كاشفة عن إمضائها شرعا ، لا انها مبنية على محض التعبد في قبالها.
وقد تحصل من جميع ما ذكرنا : أن ما هو الحجة من أقسام الخبر أربعة الأول : الخبر الصحيح.
الثاني : الموثق.
الثالث : الحسن.
الرابع : الضعيف المحفوف بالقرائن الموجبة للوثوق بصدوره ، مثل