العمل في كثير من المسائل التي هي مورد الجهل على مسائل أخر هي مورد للجهل أيضا ، وهو موجب لتعدد جهات الاحتياط في العمل الواحد ، والمحافظة على الاحتياط في جميع ذلك وتحقيق ما ينبغي سلوكه عند تزاحم جهات الاحتياط خصوصا في حق العامي المحتاج إلى تعلم المسائل وضبطها مستلزم لاختلال النظام واضطراب أمر المعاش والمعاد ، بنحو يعلم بعدم رضا الشارع الأقدس به.
بل قيل بقبحه عقلا ، لأدائه إلى ترك جملة من الواجبات في كثير من الموارد. وإن كان لا يخلو عن إشكال ، لرجوعه إلى دعوى تعذر الاحتياط.
مع أن قبح ترك الواجبات مختص بصورة القدرة عليها وتنجزها ، ولا يشمل ما لو تعذر الاتيان بها لمزاحمتها للاحتياط في تكاليف أخر.
نعم ، قد يدعى أهمية حفظ النظام العام من جميع الملاكات الواقعية للأحكام المقتضية لحفظها بالاحتياط ، الكاشف عن عدم وصول النوبة للاحتياط لو استلزم اختلال النظام.
وهو غير بعيد ، وإن كان لا حاجة إليه بعد العلم بعدم ابتناء الشريعة السهلة على ما يخل بالنظام بنحو يقطع بعدم لزوم الاحتياط معه.
الثالث : أنه يلزم من الاحتياط العسر والحرج المرفوعان في الشريعة.
والاستدلال بذلك يبتني على مفاد قاعدة نفي الحرج. فالذي ذهب إليه شيخنا الأعظم قدّس سرّه أن مفادها نفي الأحكام المستلزمة للحرج ، من باب نفي المسبب بلسان نفي السبب.
والذي ذكره المحق الخراساني قدّس سرّه أن مفادها نفي الأحكام الواردة على الموضوع الحرجي ، من باب نفي الحكم بلسان نفي موضوعه ، نظير : لا شك لكثير الشك.
والظاهر هو الوجه الأول ، لأن الثاني إنما يتجه في ما إذا سلط النفي على