تمهيد
اعلم أن من التفت إلى حكم شرعي فإما أن يحصل له القطع به أو بعدمه أو لا ، وعلى الثاني فاما أن تقوم عنده الحجة المعتبرة عقلا أو شرعا عليه أو لا.
لا إشكال في وجوب متابعة القطع في الصورة الاولى ، ومتابعة الحجة في الثانية ، وأما في الثالثة فإن دل دليل شرعي أو عقلي على وجوب الفحص عن الحكم أو الحجة تعين ، ومع تعذر الفحص أو استكماله أو عدم قيام الدليل على وجوبه ، كان له الرجوع إلى الوظيفة العملية الشرعية أو العقلية المقررة للجاهل ، وهي المعبر عنها بالأصول في مصطلحهم.
ولا إشكال في شيء من ذلك ، إلا أن الذي ينبغي التنبيه عليه أمور ..
الأول : أن الترتب بين القطع وما بعده عقلي ، لامتناع جعل الحجة أو الأصل مع القطع ، لحجيته الذاتية ، وأما الترتب بين الرجوع للحجة والرجوع للأصول فهو مبني على تقديم أدلة الحجج على أدلة الأصول بالحكومة أو الورود أو غيرهما ، على ما يأتي الكلام فيه في شروط العمل بالأصل إن شاء الله تعالى.
الثاني : أنه لا فرق في موضوع الأقسام بين الحكم الالزامي وغيره ، كالاستحباب ، ولا وجه للتخصيص بالأول ـ الذي هو المراد بالتكليف في كلامهم ـ لجريان الأقسام المذكورة في الجميع. ولا سيما مع عموم الغرض المهم ـ وهو الاستنباط ـ لها.
نعم ، بعض الأصول العملية ـ كالبراءة ـ يختص بالحكم الإلزامي ، إلا أنه لا يقتضي تخصيص التقسيم به بعد ما ذكرنا.
الثالث : أن الأولى تعميم موضوع الأقسام المتقدمة لمطلق الملتفت ـ كما