كما أن الظاهر أن الصورة السابعة مشاركة في الملاك الموجب للاستحقاق ، من حيثية إبراز ما في النفس بالفعل الخارجي المبني على التمرد على المولى وانتهاك حرمته.
وأما الصور الرابعة والخامسة والسادسة ، فلا يبعد كونها موردا لاستحقاق العقاب ، كما هو مقتضى المرتكزات العقلائية ، لأنها نحو من الظلم المولى الأعظم والتقصير في حقه ، إذ ليس حقه الطاعة خارجا ، بل تمام الخضوع والفناء غير الحاصل في الصور المذكورة.
نعم ، ورد في كثير من النصوص عدم العقاب على نية السيئة ، وأنها لا تكتب على العبد ، بخلاف نية الحسنة ، فإنها تكتب له. (١) وهي صريحة في عدم العقاب في الصورة السادسة ، وتقتضي عدمه في الرابعة والخامسة بالأولوية.
بل ظاهرها عدم ترتب العقاب حتى في الصورة السابعة.
بل قد يدعى ظهورها في عدمه مع التجري أيضا ، إذ ليس فيه إلا النية والعزم على السيئة دون فعلها.
لكن الظاهر أن المراد من النية فيها العزم السابق على الفعل وعلى اختياره ، لا ما يساوق الاختيار المقارن للفعل الحاصل مع التجري ، كما قد يشهد به ما في خبر حمزة بن حمران عن أبي عبد الله عليه السّلام : «ومن همّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه حتى يعملها ، فإن لم يعملها كتبت له حسنة ، وإن عملها ..» (٢) ، فانه كالصريح في ان المراد من النية العزم الذي يمكن العدول عنه قبل اختيار الفعل ، ويكون العدول عنه حسنة تكتب للعبد ، لا ما يعم الاختيار المقارن للفعل.
اللهم إلا أن يقال : الأخبار المذكورة ظاهرة في أن المدار في العقاب على فعل السيئة نفسها ، وهو غير متحقق مع التجري.
__________________
(١) راجع النصوص المذكورة في الوسائل ج ١ : ٣٥ ، باب ٦ من أبواب مقدمة العبادات.
(٢) الوسائل ج ١ : ٣٩ ، باب ٦ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ٢٠.