وثانيا : بأنه إذا فرض كون علة وجوب الاحتياط حفظ الواقع ، بحيث يكون تابعا له وجودا وعدما كان جعله لاغيا ، للشك في ثبوته تبعا للشك في تحقق علته ، فلا يصلح لأن يترتب عليه العمل.
وأشكل منه ما ذكره بعض الأعيان المحققين قدّس سرّه من أن التكليف بالاحتياط يصلح لبيان التكليف الواقعي المجهول في ظرف وجوده.
لما هو المعلوم من عدم كون لسان وجوب الاحتياط لسان بيان للواقع لا في ظرف وجوده ولا في ظرف عدمه.
وقد أطال قدّس سرّه في ذلك ، كما أطال غيره فيه. وما جرّهم إلى ذلك إلا دفع محذور العقاب من غير بيان. والظاهر أن ما ذكرنا في دفعه هو الأقرب للمرتكزات العقلية والأنسب بالأدلة الشرعية في المقام. فلاحظ.
هذا تمام الكلام في مفاد أدلة الطرق والأصول ، وقد استقصينا الكلام فيه زائدا على محل الحاجة هنا لينتظم البحث حتى يتسنى الارجاع إليه في ما يأتي عند الكلام في إمكان التعبد بغير العلم. والله سبحانه وتعالى ولي العصمة والسداد.
وإذ عرفت هذا ، يقع الكلام في قيام الطرق والأصول مقام القطع ، فنقول :
أما قيامها مقام القطع الطريقي من حيثية استتباعه للعمل على مقتضى الواقع فليس هو موردا للإشكال بينهم ، لاقتضاء جميع الوجوه المتقدمة لذلك ، بل هو المتيقن من أدلة الجهل والتعبد ، كما لا يخفى.
نعم ، الوجوه المتقدمة مختلفة ، فإن مفاد الوجه الأول والثالث أن ترتب العمل على الطرق والأصول في طول ترتبه على القطع ، ومفاد الوجه الرابع أن ترتبه عليها في قبال ترتبه على القطع ، لعدم اختصاص ملاك العمل به. أما الثاني فهو يختلف باختلاف المحامل الأربعة المتقدمة عند الكلام فيه. فراجع. إلا أن هذا لا أثر له في المطلوب.