المقصد الأول
في مباحث الحجج
وقد سبق أن البحث فيه يكون في تشخيص الحجج وتعيينها والظاهر أن محل الكلام هو ما ثبت له الحجية شرعا الراجعة إلى تعبد الشارع الأقدس بمضمون الحجة ، تبعا لاعتباره حجيتها ولا معنى للحجية العقلية ، لما هو المرتكز من عدم كون الجعل والاعتبار من وظيفة العقل ، نعم له الحكم بحسن العقاب أو قبحه ، الراجعين الى منجزية احتمال التكليف بنظره وعدمه ، من دون توسط اعتبار الحجية ، وأما القطع فقد عرفت الإشكال في إطلاق الحجة عليه ، وإن صح العقاب معه.
وأما ما يظهر من المحقق الخراساني قدّس سرّه من أن الظن على الحكومة حجة عقلية وإن لم يكن حجة ذاتية ، كالقطع ، لتوقفه على مقدمات الانسداد.
فلا يبعد أن يرجع إلى ما ذكرنا من كونه بنظر العقل منجزا للأحكام في ظرف الانسداد. ويأتي الكلام في ذلك في أواخر دليل الانسداد.
وكيف كان ، فالمناسب التعرض تمهيدا للكلام في تشخيص موارد الحجج غير العلمية لأمرين ..
الأول : إمكان التعبد بغير العلم عقلا ، إذ لو كان ممتنعا ثبوتا لم يبق مجال للنظر في أدلته إثباتا.
الثاني : تنقيح مقتضى الأصل عند عدم الدليل على الحجية ، ليرجع إليه لو فرض قصور الأدلة عن إثبات الحجية لشيء أو نفيها عنه.