آخرين ..
الأول : أن تكون الأحكام التي تضمنتها الكبريات الشرعية اقتضائية لا فعلية ، ويكون العلم بها متمما لملاكها وشرطا لفعليتها ، فالعلم بالإضافة إلى الحكم الاقتضائي طريقي ، وبالاضافة إلى الحكم الفعلي موضوعي. وليس مأخوذا في نفس الحكم الذي هو طريق إليه كما هو محل الكلام.
الثاني : أن تكون الأحكام المذكورة فعلية ، إلا أن الجهل بها مطلقا أو مع وجود المعذّر من الحكم رافع لها ، لكونه سببا في حدوث ملاك مزاحم للملاك الواقعي مانع من تأثيره. وإلى هذا يرجع التصويب المحكي عن المعتزلة.
ولا إشكال في أن الوجهين المذكورين خلاف ظاهر الأدلة ، فلا بد فيها من دليل مخرج عنها. ويأتي في مبحث إمكان التعبد بغير العلم تمام الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى.
بقي في المقام أمران :
الأول : أن اختصاص الحكم بحال الجهل به غير ممكن بنحو التقييد اللحاظي ، لاستلزامه أخذ المتأخر في المتقدم.
بل قد يدعى أنه لا مجال لذلك بنتيجة التقييد أيضا ، لاستلزامه لغوية جعل الحكم ، إذ الاثر المصحح له عرفا هو العمل المترتب على العلم ، فلو اختص بحال الجهل لم يكن صالحا لترتب العمل.
لكن هذا إنما يمنع من اختصاص الحكم بصورة عدم المنجز له ، ولا يمنع من اختصاصه بصورة الجهل بالحكم الذي يجتمع مع المنجز له ، فإن المعيار في العمل بالحكم على المنجّز له ولو لم يكن قطعا ، فيكون أثر جعل الحكم حينئذ ترتب العمل عليه بسبب غير العلم من المنجزات من الامارات والأصول.
غاية الأمر أن يكون العلم من سنخ الرافع للحكم ، لكونه سببا في حدوث