الوقت لا ينافي إمكان تداركها بعد ذلك ، نظير ترك الصلاة أو الصوم لمزاحم أهم ، ولا يبعد كون مبنى القائلين بالتصويب على الاجزاء ، لعدم تحقق الفوت بسبب تبدل الملاك ، وهو ـ لو تم ـ كاشف عن ابتناء التصويب عندهم على تبدل ملاك الفعل بنفسه ، لا من جهة المزاحم.
لكن هذا لا ينافي بطلان هذا الوجه وخروجه عن محل الكلام ، كالتصويب بالمعنى المذكور ، لرجوعه إلى عدم فعلية الأحكام الواقعية ولو من جهة المزاحمة ، وهو خلاف ما ادعاه شيخنا الأعظم قدّس سرّه من تواتر الأخبار باشتراك الأحكام بين العالم والجاهل بها ، كما لا يخفى.
وبالجملة : حيث فرض فعلية الأحكام الواقعية تبعا لفعلية ملاكاتها تعين الالتزام بعدم طروء المزاحم لتلك الملاكات بسبب قيام الطرق ، وهو مصلحة السلوك المشار إليها.
وقد حاول المحقق الخراساني قدّس سرّه وغيره دفع محذور تفويت الملاكات الواقعية بوجه آخر لا يبتني على المصلحة السلوكية ، فقد ذكر أن المصحح لتفويت الملاكات الواقعية هو المصلحة الملزمة بنصب الطرق والتعبد بها ، نظير مصلحة التسهيل النوعي ، فنصب الطرق لا يقتضي المصلحة في سلوكها الذي هو من عناوين فعل المكلف الثانوية ، ليزاحم الملاكات الواقعية ويمنع من فعلية أحكامها ، بل هو نفسه مشتمل على المصلحة الملزمة المصححة لتفويت الملاكات الواقعية ، والرافعة لقبحها.
وعن بعض الأعاظم قدّس سرّه أنه لا بد حينئذ من تدارك ما فات من الملاكات الواقعية بسبب الجعل.
وهو غير ظاهر ، إذ لا موجب للتدارك مع فرض أهمية مصلحة الجعل ، لعدم قبح تفويت المهم لأجل الأهم عقلا ولو لم يتدارك ، كما هو ظاهر.
نعم ، قد يستشكل في ذلك أيضا ـ كما يستفاد من بعض الأعيان