المحققين قدّس سرّه : بأنه راجع إلى فرض التزاحم بين ملاكات الأحكام الواقعية وملاك نصب الطرق ، لامتناع استيفاء كلا الملاكين ، بل استيفاء الثاني مانع من استيفاء الأول ، فإن فرض أهمية الملاكات الواقعية تعلّق الفرض الفعلي للمولى بجعل الأحكام الواقعية على طبقها وامتنع نصب الطرق المخالفة لها ، لما فيه من تفويت تلك الملاكات ونقض الغرض الفعلي ، وإن فرض أهمية ملاك نصب الطرق لزم رفع اليد عن الملاكات الواقعية وسقوط أحكامها ، وهو خلاف فرض فعلية الأحكام الواقعية وتعلق الغرض بها.
وبالجملة : تعلق الغرض والإرادة الفعليين على طبق الأحكام الواقعية ينافي نصب الطرق المؤدية إلى خلافها بعين التنافي بين إرادة الشيء وإرادة ما يمنع عنه ، كما ذكره سيدنا الأعظم قدّس سرّه.
ومن الغريب ما ذكره بعض مشايخنا من تنظير مصلحة التسهيل النوعية في المقام بحق الشفعة الذي ثبت للشريك ، لأنه ربما يتضرر من اشتراكه مع الشريك اللاحق ، وبطهارة الحديد ، وعدم وجوب السواك ، ونحو ذلك.
إذ فيه : أن تقديم الملاك النوعي في هذه الموارد موجب لعدم تأثير الملاك المزاحم بها في الحكم الفعلي ، وليس الحكم الفعلي إلا على طبقها ، بخلاف المقام حيث فرض فيه كون الحكم المخالف لمؤدى الأمارة فعليا ، لفعلية ملاكه.
ثم إن هذا الإشكال لو تم لا نفتح به أبواب من الإشكال لا مجال للالتزام بها ، فان تعلق الغرض والإرادة الفعليين بحفظ الملاك الواقعي الفعلي كما يمنع من إرادة ما ينافيه ـ وهو نصب الطرق المؤدية لخلافه ـ كذلك يقتضي جعل ما يكون سببا في حفظه ، كنصب الطرق المؤدية له المأمون منها الخطأ ، وإيجاب الاحتياط لو فرض تعذرها وانسداد باب العلم ، بل يلزم النهي عن سلوك الطرق المؤدية للقطع إذا كانت بنظر المولى معرضة للخطإ وموجبة لفوت الملاك الواقعي ولا يمكن الالتزام بشيء من ذلك ، لما هو المعلوم من كثرة فوت الواقع